مراسلو الجزيرة نت
عمّان- رغم إصدار جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بيانا توضيحيا بخصوص منفذي عملية البحر الميت الشهيدين عامر قواس وحسام أبو غزالة، ، فإن الجدل لم ينتهِ ولم تتوقف مطالبات بعض الكتاب والصحفيين المقربين من الحكومة للحركة الإسلامية بتبيان موقفها من العملية، التي أسفرت عن إصابة عسكريين إسرائيليين بجروح، الجمعة.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد وصفت عملية البحر الميت، في تصريح صحفي، بـ “العمل البطولي، لكنه فردي”، وأنها “جاءت كرد فعلٍ من شباب أردني لم يتحمل مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة”.
كما أكد تصريح الجماعة أنّ “هذا الفعل ليس جديدا على الشعب الأردني”، وأنه يأتي في سياق مسيرة بدأها الشهيد كايد العبيدات، والشهيد ماهر الجازي، بالإضافة إلى تضحيات الجيش العربي الأردني “الذي ما تزال دماء شهدائه شاهدة على أرض القدس وفلسطين”، مؤكدا في الوقت نفسه أن “جماعة الإخوان المسلمين ستبقى كما كانت دوما في خندق الوطن، تحرص على وحدته وأمنه واستقراره”.
ولكن، في الوقت الذي أشار فيه بيان الإخوان المسلمين إلى أن العملية “فردية”، يقول معارضوهم إن إعلان الإسلاميين عن انتماء منفذي العملية لهم، بمثابة تبنٍ للهجوم بشكلٍ أو بآخر، الأمر الذي رفضته الحركة الإسلامية.
“نرفض استهدافنا”
بدوره، أكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن المهندس مراد العضايلة، أن بيان الجماعة حول عملية البحر الميت أوضح ما التبس في بيان حزب جبهة العمل الإسلامي، مشددا في حديثه للجزيرة نت على أن “الحركة الإسلامية لطالما باركت كل عمل مقاوم في مواجهة الكيان الصهيوني، لا سيما أننا نعتقد أن المقاومة ودعمها، يمثلان مصلحة وطنية عليا للأردن، كما أنه يصب في مصلحة الأمة كلها”.
ووصف العضايلة المرحلة التي تمر بها المنطقة والإقليم بـ”الحرجة”، وبأنها تتطلب من الجميع تكاتف الجهود لمواجهة “الاندفاعية الصهيونية”، التي تهدف لتوسيع المعركة في كل الساحات العربية، خصوصا أن “الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه في قطاع غزة وفي جنوب لبنان، وبالتالي فإنه يبحث عن نقل المعركة إلى ساحات أخرى”، مضيفا: “نعتقد أن الأردن أحد الأهداف الصهيونية في المرحلة المقبلة”.
ورفض العضايلة محاولة البعض استهداف الحركة الإسلامية التي “تعتبر مكونا رئيسا من مكونات المجتمع الأردني” حسب وصفه، لافتا إلى “أننا جميعا بحاجة لأن نجتمع على كلمة واحدة، لمواجهة المشروع والأطماع الصهيونية في الأردن”.
وبرأي المراقب العام، فإن ذلك “يتطلب إدراك خطورة المرحلة، وعدم الاندفاع لإحداث خلخلة في الصف الوطني”، وهو ما يحتاج “لعقول راشدة تبتعد كل البعد عن كل ما يضعف الجبهة الداخلية للوطن”، وبالتالي “أولويتنا حماية الأردن، وعلى المحرضين توفير أقلامهم للعدوّ الصهيوني” كما يقول.
المصلحة الوطنية
في مقابل ذلك، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق فيصل الشبول إن “العقلية التي سمحت بصدور ما يعرف بالبيان الأول للحركة الإسلامية لم نعتد عليها من قبل في الأردن”.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن “جماعة الإخوان المسلمين مستقرة منذ 80 عاما في الأردن، وليس هناك إقصاء تجاه الحركة الإسلامية أو محاولات استهداف لها، سواء من الدولة أو من القوى السياسية، ولا أحد يريد إزاحتها عن المشهد السياسي”، مذكّرا بمشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات النيابية، وأن “الأردن أثبت أن المشاركة السياسية حق للجميع”.
ولفت الوزير السابق أن الحركة الإسلامية “تاريخيا قادها عقلاء، كانوا جميعا مع المصالح العليا للدولة والوطن، ومع مصلحة الحركة الإسلامية في حد ذاتها”، وأضاف مستدركا: “لكن ذلك كان يتم دون إحراج الدولة أو اتخاذ قرارات غير مدروسة كالذي حصل مؤخرا”، وقال إن حزب جبهة العمل الإسلامي، يعمل وفق القانون ككيان سياسي قانوني، “لذلك نستغرب أن يتصرف القائمون عليه بهذه الطريقة”.
وشدد الشبول على أن “مصلحتنا جميعا أن يكون خطاب الحركة الإسلامية خطابا راشدا، لأن هذا البلد لنا جميعا، ولا أحد يغامر في سياسات قد تؤدي إلى توتير الأجواء”، وأضاف: “نحن نعلم من هو عدونا، ومصدر الخطر المحدق بالأردن معروف، وبالتالي نحن بحاجة إلى الخطاب الراشد بصورة دائمة”.
“التحريض مرفوض”
بدوره أكد رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس السبت، أن “أحدا لم يقف كما وقف الملك عبد الله الثاني شخصيا مع إخواننا في فلسطين”.
مضيفا: “نحن دولة متماسكة بشعبها ومؤسساتها، ولن نسمح بأي تجاوز على القانون والمؤسسات الوطنية، أو استغلال الناس وعواطفها -من قبل أي جهة كانت داخلية أو خارجية- في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة لأهداف سياسية، والمتاجرة بحياة الناس بالشعارات دون أدنى مسؤولية”.
ورأى رئيس الوزراء أن “التعبير عن الدعم والتضامن مع أهلنا وإخواننا في فلسطين موقف كل الأردنيين بدون استثناء، لكن التحريض الذي يعرّض أمن الوطن وسلامة المواطن للخطر موضوع مختلف تماما، ولن نقبل بذلك بأي شكل من الأشكال ومن أي جهة كانت”.
وشدد على أن أمن الأردن واستقراره وسلامة شعبه فوق كل اعتبار، وأن المصلحة الوطنية هي الأولوية الأولى التي لا يعلو عليها شيء إطلاقا، “وفي قوة هذا البلد ومنعته قوة لصمود أهلنا في فلسطين”.