تتردد تحذيرات منذ عقود بشأن إمكانية أن تحل الروبوتات محل البشر الذين يعملون في قطاعي الصناعة والزراعة. ومؤخرا، تزايدت المخاوف بشأن إمكانية أن يقوم الذكاء الاصطناعي بنفس عمل كبار الموظفين الإداريين، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
وقد أفاد الاتحاد الدولي للروبوتات بأن استخدام الروبوتات تزايد، حيث يوجد 3.9 ملايين روبوت” يعمل حاليا” في قطاع الصناعة حول العالم؛ بواقع 151 لكل 10 آلاف عامل، أي ضعف العدد الذي كان عليه منذ 6 أعوام.
يذكر أن الاتحاد الدولي للروبوتات منظمة مهنية غير هادفة للربح تأسست في عام 1987 في فرانكفورت، بألمانيا؛ لتشجيع وتطوير صناعة الروبوتات في جميع أنحاء العالم. ويهدف الاتحاد إلى تعزيز سبل البحث والتطوير والاستخدام والتعاون الدولي في مجال الروبوتات.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يستمر عدد الروبوتات في الارتفاع في حال تم إنتاج روبوتات” مماثلة للبشر” تعمل بالذكاء الاصطناعي، وذلك وفقا لما قاله بنك مورجان ستانلي، الذي تكهن بأن “الاتجاهات التقاربية” يمكن أن تؤدي لاستخدام نموذج لغوي كبير وذكاء اصطناعي توليدي مماثل لأسلوب برنامج “شات جي بي تي” في الروبوتات التي تتخذ شكل البشر.
وقال آدم جوناس، رئيس الإدارة البحثية للسيارات والتنقل المشترك في مورجان ستانلي: “في ظل استمرار انخفاض نمو تعداد سكان البشر في عمر العمل، فإن الروبوتات المماثلة للبشر ربما تثبت أهميتها للصناعات التي تواجه بالفعل صعوبة في جذب عمالة كافية لكي تستمر في الإنتاج”.
وقدر بنك الاستثمار أن الولايات المتحدة يمكن أن يكون لديها أكثر من 60 مليون روبوت مماثل للبشر بحلول منتصف القرن؛ وهو أمر من “المحتمل” أن يؤثر على 75% من الوظائف و40% من العاملين.
مع ذلك، فإن مثل هذا التحول قد يثير الانقسام سياسيا واجتماعيا. وقال جوناس: “تسويق الروبوتات المماثلة للبشر سوف يواجه عدة تحديات، بصورة أساسية تتعلق بالقبول الاجتماعي والسياسي في ظل الاحتمالية الكبيرة بأن يؤثر على قطاع كبير من القوة العاملة”، محذرا من أن نحو 7 من بين كل 10 وظائف في قطاعي البناء والزراعة قد تتأثر سلبا.
وتحتل الولايات المتحدة المرتبة العاشرة من حيث الصناعات التي تستخدم الروبوتات، بحسب الاتحاد الدولي للروبوتات، بواقع 285 لكل 10 آلاف عامل. وجاءت كوريا الجنوبية في المرتبة الأولى، بواقع روبوت لكل 10 عاملين، وحلت سنغافورة في المرتبة الثانية وألمانيا في المرتبة الثالثة بواقع أكثر من 400 روبوت لكل 10 آلاف عامل.
ويقول مؤيدو استخدام الروبوتات إنها يمكن أن تقلص من تأثير النقص الحاد للعمالة في الدول الغربية، التي سهلت الهجرة من المناطق الأكثر فقرا، حيث تحاول بذلك جزئيا مواجهة التأثير الاقتصادي لتقلص أعداد السكان وارتفاع أعمارهم. وقال سيث كاربينتر، كبير الاقتصاديين في مورجان ستانلي: “الهجرة يمكن أن تعوض انخفاض أعداد السكان”.
وكانت شركة “أنجلو سكوتش فينناس” قد ذكرت في مايو/أيار الماضي أن من أبرز التحديات المتعلقة بإدارة الآفات هي التنبؤ بمكان موعد ظهورها. وأوضحت الشركة أن الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحلل البيانات الماضية بشأن سلوك الآفات وأنماط الطقس والعوامل ذات الصلة الأخرى من أجل تشكيل نماذج تنبؤ، يمكنها أن تساعد المزارعين في توقع موعد ظهور الآفات واتخاذ إجراءات حمائية للحد من الضرر الذي قد تسببه للمحاصيل.
من ناحية أخرى، فإن الانتشار السريع حاليا للذكاء الاصطناعي المتزايد في التطور أدى لظهور تحذيرات يمكن أن يثبت أنها لا تمثل فقط تهديدا على الوظائف، حيث حذر بعض من أبرز رموز الصناعة العام الماضي من “خطورة الانقراض” بسبب روبوتات الدردشة.
وسعى باحثون في جامعة باث في بريطانيا وجامعة دارمشتات الفنية في ألمانيا لتهدئة مثل هذه المخاوف، حيث نشروا ورقة بحثية منتصف أغسطس/آب الماضي قالوا فيها إن الذكاء الاصطناعي والنموذج اللغوي الكبير” لا يمكن أن يتعلما بصورة مستقلة أو أن يكتسبا مهارات جديدة، وهذا يعني أنهما لا يمثلان تهديدا وجوديا على البشرية”.