الخرطوم- بعد 3 سنوات من تعليق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان إثر قرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان التي اعتبرت “انقلابا” شرع الاتحاد في خطوات لإعادة البلاد إلى “البيت الأفريقي” كما دعت الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” إلى فتح صفحة جديدة مع السودان بعد تجميد عضويته بالمنظمة قبل 9 أشهر.
وفي خطوة جديدة، أبدى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي مرونةً في موقفه، داعيا مفوضية الاتحاد إلى فتح مكتب اتصال في بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة لتسهيل التواصل ودعم جهود السلام.
وخلال اجتماعه في أديس أبابا يوم الاثنين، حثّ المجلس مفوضية الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد” ودول الجوار على دعم اللجنة الرئاسية في تنفيذ خارطة طريق الاتحاد الأفريقي، والتي تشمل وقف إطلاق النار غير المشروط، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وإطلاق عملية سياسية شاملة.
وأكد المجلس أهمية التشاور مع المسؤولين السودانيين بشأن مقترحات البرهان لإنهاء النزاع، والتي تشمل إنشاء نقاط تجميع للقوات، واستعادة العملية الانتقالية الديمقراطية بقيادة مدنية، مرحبا باستعداد البرهان لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
لماذا علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان قبل 3 سنوات؟
جمد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان عقب إجراءات البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حال الطوارئ في البلاد، وهو ما اعتبره الاتحاد انقلابا، بينما رفض البرهان التوصيف الأفريقي، وسمى قراراته إجراءات تصحيحية فرضتها ظروف المرحلة.
ما شروط الاتحاد الأفريقي لإنهاء تجميد عضوية السودان، وهل استجابت لها حكومته؟
كشف مسؤول في الخارجية السودانية -للجزيرة نت- أن وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي طلب من البرهان خلال زيارته الأخيرة إلى بورتسودان اتخاذ خطوات عملية تستجيب لمتطلبات الاتحاد لرفع التجميد عن عضويته، وتشمل العودة إلى الحكم المدني ومسار التحول الديمقراطي ووقف إطلاق النار.
ورد البرهان، بحسب المصدر ذاته، مفضلا عدم الكشف عن هويته، بجديتهم في السلام استنادا إلى “إعلان جدة” وتشكيل حكومة مدنية عبر توافق وطني تقود البلاد إلى انتخابات عامة بعد فترة انتقالية قصيرة، وتمسك بعدم تجاوب السودان مع أي مبادرة أفريقية ما لم تعد عضويته في المنظمة الأفريقية.
وجدد وزير الخارجية السوداني -خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان يوم الاثنين- موقف الحكومة بشأن الالتزام بعملية السلام وتشكيل حكومة انتقالية قريبا.
ما دلالات توقيت تحرك الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد” خلال هذه المرحلة؟
يعتقد الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن الاتحاد وجد نفسه مهمشا في أزمة السودان، وساهم تولي مصر رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي اعتبارا من مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري في التحرك لاستعادة دوره، وزار وفد من المجلس بورتسودان لتجسير العلاقة مع الحكومة.
ويقول الباحث للجزيرة نت إن الاتحاد الأفريقي واجه انتقادات خلال الفترة السابقة، واتهامات بأنه بات صدى للمواقف الأوروبية والغربية وليس له موقف مستقل.
هل باتت عودة السودان للاتحاد قريبة بعد موقفه الأخير؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه بالأزمة؟
يوضح المسؤول في الخارجية السودانية، الذي تحدث للجزيرة نت، أن التوتر مع الاتحاد الأفريقي تراجع، مشيرا إلى نشوء حوار ورغبة مشتركة بين الطرفين في تسريع خطوات إنهاء تعليق عضوية البلاد واستعادة الدور الأفريقي.
وتحدث كذلك عن بذل جهد لوقف الحرب بعيدا عن التدخلات الخارجية، وتبني حوار سوداني سوداني شامل يفضي إلى رؤية سودانية لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية بعد الحرب بلا إقصاء لأي طرف.
لماذا جمد السودان عضويته بهيئة “إيغاد”؟
بدأ التوتر في علاقة السودان مع “إيغاد” بعد أقل من شهرين من اندلاع الحرب، عندما عقدت قمة للمنظمة في أديس أبابا وأعلن قادة بدول المنطقة أن هناك فراغا دستوريا في السودان، وطالبوا بنشر قوات من شرق أفريقيا في البلاد. كما سمحت “إيغاد” لاحقا بحضور مسؤولين من دول إقليمية خارج المنظمة تساند قوات الدعم السريع.
وجمّد السودان عضويته بالمنظمة في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، احتجاجا على مشاركة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في قمة استثنائية عُقدت في أوغندا قبل يومين من قرار التجميد.
ما شروط السودان للعودة لهيئة “إيغاد” وهل تستجيب لها رئاسة المنظمة؟
استقبل البرهان، يوم الاثنين، وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لهيئة “إيغاد” وبحث معه تراجع السودان عن تجميد عضويته بالهيئة، وتسلم منه رسالة من رئيس بلاده إسماعيل عمر جيله الرئيس الحالي للمنظمة.
وأوضح وزير الخارجية السوداني حسين عوض أن نقاشا “مطولا” دار بين البرهان ومبعوث الرئيس الجيبوتي حول “الأخطاء والمنعرجات السلبية” التي اتخذتها المنظمة تجاه الأزمة في السودان.
وشدد عوض على ضرورة الفصل بين علاقة السودان بجيبوتي وعلاقته بهيئة “إيغاد” إلى حين “تصحيح موقفها والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها تجاه السودان”.
وأشار إلى أن الرئيس الجيبوتي أبدى في رسالته استعداد “إيغاد” لتجاوز الخلافات، معربا عن تفاؤله بعودة السودان إلى الهيئة كعضو فاعل.
هل يمكن أن تعتذر المنظمة الأفريقية للسودان حتى تعود للعب دور بإنهاء الحرب؟
الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم يعتقد أن “إيغاد” التي كانت وسيطا في اتفاق السلام بين شمال السودان وجنوبه عام 2005، تجد دعما لبرامجها وتسيير أمورها من الدول الغربية، وبعدما جمد السودان عضويته فقدت دورها ودعمها.
ويضيف الباحث أن “إيغاد” تريد استئناف وساطتها في أزمة السودان، لكنها تجد صعوبة في تلبية شرط البرهان بالاعتراف بارتكاب أخطاء في حق بلاده والاعتذار عنها بشكل علني.