قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل على حزب الله اللبناني أحد أهم حلفاء إيران في الشرق الأوسط، موجعة وتكبده أفدح الخسائر، لكن إيران لا تزال مترددة في التدخل إلى جانبه، مكتفية بالدعم الخطابي والسعي إلى التواصل مع الغرب.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم سوزانا جورج وسوزان هيدموس وأبيغيل هاوسلونر- أن حزب الله تكبد، خلال 11 شهرا من إظهار دعمه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، أفدح الخسائر في تاريخه الممتد 4 عقود، بحيث تم القضاء على قياداته وتدمير ذخائره، وتعرضت اتصالاته للخطر بسبب الهجمات التي وقعت الأسبوع الماضي والتي حولت أجهزة النداء (البيجر) والراديو إلى قنابل.
وشنت إسرائيل -حسب الصحيفة- ضربة ضخمة أمس الجمعة، استهدفت زعيم حزب الله حسن نصر الله وفقا لمعلومات قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة بعد الهجوم الذي أدى إلى تدمير بنايات سكنية وإصابة العشرات من الناس، والذي وصفته السفارة الإيرانية في بيروت بأنه “تصعيد خطير يغير قواعد اللعبة”.
ولكن بعيدا عن الدعم الخطابي -كما تقول الصحيفة- لم تنضم إيران إلى القتال، وقال وزير خارجيتها عباس عراقجي هذا الأسبوع إن حزب الله “قادر تماما على الدفاع عن نفسه وعن لبنان والشعب اللبناني”.
خيارات عسكرية محدودة
ويقول المحللون والدبلوماسيون إن تركيز إيران على المشاركة وترددها في التدخل على الأرض يوضح الخيارات العسكرية المحدودة المتاحة لإعادة إرساء الردع مع إسرائيل بعد عام من الأعمال العدائية المتصاعدة في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى مقتل عدد من مقاتلي حزب الله وتدمير معداته، وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن أكثر من 600 شخص، بينهم أكثر من 50 طفلا، قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية التي أجبرت عشرات الآلاف من المدنيين على ترك منازلهم، مما أدى إلى أزمة إنسانية.
وقد دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن يستمر القصف، وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “سنستمر في إذلال حزب الله حتى تتحقق جميع أهدافنا”، وركز في جزء كبير من خطابه على إيران، واتهمها بجلب “مستقبل مظلم من اليأس” إلى المنطقة.
عقود من الاستثمار
وذكرت الصحيفة بأن حزب الله، الذي تأسس في الثمانينيات، تطور حتى أصبح أقوى قوة مسلحة في لبنان بفضل عقود من الرعاية الإيرانية، مشيرة إلى أن هذه العلاقة الطويلة هي أحد الأسباب التي تجعل المحللين لا يعتقدون أن إيران ستتخلى عن حزب الله.
وقال سامي نادر، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت، إن هذا “يمثل 3 عقود من الاستثمار، ولن تتخلى إيران عن حزب الله في أول فرصة”، مشيرا إلى أن طهران لم تتدخل بشكل مباشر عام 2006 عندما خاضت إسرائيل حربا مدمرة مع حزب الله، ولكنها ساعدت في إعادة بناء وإعادة تسليح المجموعة بعد الحرب، ومن المرجح أن تفعل ذلك مرة أخرى.
وقال المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي في اجتماع عقد هذا الأسبوع “لقد استشهد بعض الأعضاء الفعالين والقيمين في حزب الله، ولكن هذه ليست خسارة يمكن أن تجعل حزب الله يركع”.
لن يُدمر
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إنهم لا يعتقدون أن حزب الله سوف يُدمر، لأن “الحرب حتى لو كانت شاملة من شأنها أن تضعف حزب الله وتستنزف بعض موارده” ولكن من الممكن إعادة بنائه.
وخلصت الصحيفة إلى أن حزب الله كان، قبل أن تشن إسرائيل هجومها يوم الاثنين، في حالة من الفوضى بعد انفجار آلاف أجهزة النداء والراديو التي يستخدمها -الأسبوع الماضي- مما شكل صفعة كبيرة مؤلمة للحزب.