Login النشرة البريدية

القاهرةـ  اتصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب  بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمناقشة مقترح توطين فلسطينيي غزة في مصر، حسب ما نقل موقع أكسيوس الإخباري ، وذلك بعد يومين من دعوته إلى “تطهير” القطاع.  كما تواصل أيضا مع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

ونسب الموقع إلى ترامب قوله إنه يريد لفلسطينيي غزة أن يعيشوا في مكان خال من العنف، وإن القطاع كان بمنزلة الجحيم على مدى سنوات عديدة.

و جاء الاتصال عقب بيان لوزارة الخارجية المصرية، الذي أكدت فيه رفضها القاطع للمقترح الأميركي. وأكد بيان وزارة الخارجية المصرية على ثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، مشددة على أن القضية الفلسطينية تظل المحورية في الشرق الأوسط.

وأضاف البيان أن “تأخر حل القضية وإنهاء الاحتلال، مع استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، يعد أساسا لعدم الاستقرار في المنطقة”، كما أعربت الوزارة عن دعمها المستمر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة، وفقا لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

مصر قادرة

أكد وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي قدرة مصر على إفشال مخطط ترامب، من خلال بناء جبهة إقليمية ودولية رافضة للمقترح، وأشار إلى أن هذا المخطط يمثل تهديدا لاستقرار المنطقة الهش، مما يمنح مصر ورقة ضغط أساسية لإحباطه.

وقال العرابي إن “مصر تعتمد على رفض الأردن والفلسطينيين لهذا المخطط، مع تمسك الفلسطينيين بأرضهم، وهو ما ظهر بوضوح في عودتهم إلى شمال غزة وإصرارهم على الدفاع عن حقوقهم الوطنية، بما يعزز موقفهم الرافض للخطط الأميركية التي تخالف القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.

وأضاف أن “الفلسطينيين ليسوا مهاجرين يمكن ترحيلهم كالمكسيكيين خارج أميركا، بل هم شعب يناضل من أجل حقوقه، هذه ورقة قوية يمكن استغلالها لإفشال المخطط الأميركي، خاصة في ظل التضحيات الكبيرة التي قدمها الفلسطينيون خلال الأشهر الـ15 الماضية”.

وأكد الوزير الأسبق قدرة القاهرة على التصدي لهذه المخططات، مشددا في حديثه للجزيرة نت على أن مصر رفضت مرارا كل محاولات تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية.

الجزيرة ترصد بدء عودة سكان غزة الذين أجبروا على النزوح من المناطق الشمالية

الضغوط المتوقعة

وصف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد مرسي، حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بأنه “حماقة جديدة” من ساكن البيت الأبيض.

وأكد مرسي على أهمية استثمار كل أوراق القوة المصرية، مشددا في حديثه للجزيرة نت على ضرورة استخدام ما تمتلكه مصر من شدة وحنكة ومنطق وصبر لرسم خط أحمر أمام ترامب ومقترحه بتوطين الفلسطينيين في مصر والأردن.

وأشار إلى أن الرفض السياسي المصري، بالإضافة إلى الرفض الشعبي الجارف والمعلن من مختلف طوائف الشعب، بما في ذلك المثقفون والإعلاميون، يمثل ورقة مصرية قوية يجب استغلالها للتصدي لهذه الحماقة الجديدة.

وأوضح مرسي أن الرفض الرسمي والشعبي القاطع يمكن أن يقف حائلا أمام أي مقترحات أو مسميات تحاول تمرير فكرة التهجير بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة إذا تم تقديم هذه الخطط تحت عناوين اقتصادية أو استثمارية أو إنسانية مزيفة.

ورغم اعترافه بامتلاك مصر العديد من الأوراق لإفشال هذا المخطط، أشار الدبلوماسي المصري إلى احتمالات تعرض القاهرة لضغوط كبيرة تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية، كما حذر من حجم المصاعب التي قد يواجهها الشعب الفلسطيني في غزة نتيجة لهذه الضغوط.

وأكد مرسي على أهمية الاستعداد لمواجهة هذه التحديات، ومحاولة التخفيف من آثارها المتوقعة، وحذر من أن أي محاولة لتوطين الفلسطينيين في مصر، حتى وإن كانت بشكل مؤقت، قد تتحول إلى واقع دائم، مما يشكل خطرا بالغا على الأمن القومي المصري.

سيف الدولة: ورقة الضغط الحقيقية تتمثل في إطلاق سراح القوى الوطنية والشعبية المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل (الجزيرة)

إجراءات تصعيدية

بدوره، انتقد الخبير في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي، محمد سيف الدولة، اللهجة المخففة في بيانات الرفض الصادرة عن وزارتي الخارجية المصرية والأردنية.

وقال إن البيانات، رغم رفضها للتهجير، تجنبت الإشارة المباشرة إلى تصريحات ترامب، وتجنب توجيه خطاب شديد اللهجة له، وأشار إلى أن تصريحات ترامب تحمل تهديدا خطيرا للأمن القومي للدولتين، فضلا عن أنها تمثل تصفية للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.

وأضاف أن مصر تمتلك العديد من الأوراق لإفشال هذا المخطط، من بينها إعادة النظر في الترتيبات الأمنية والعسكرية المفروضة على مصر في سيناء بموجب اتفاقيات “كامب ديفيد”.

ودعا إلى المطالبة باستبدال القوات الأجنبية والأميركية في سيناء بقوات تابعة للأمم المتحدة، كما طالب بوقف التسهيلات اللوجيستية المقدمة للقوات الأميركية في قناة السويس، والمطارات والمجال الجوي المصري، وأكد على ضرورة إعادة تقييم قبول المعونة العسكرية الأميركية، واستبدال مصادر التسليح المصري.

وشدد سيف الدولة على أهمية الامتناع عن أي تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، وعدم إرسال بعثات عسكرية للتدريب في أميركا.

كما دعا إلى انسحاب مصر من أي تحالفات إقليمية أو دولية أسستها الولايات المتحدة، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت على ضرورة إعادة تشكيل السياسات والعلاقات المصرية الخارجية على أسس مناهضة للنفوذ الأميركي.

وشدد على أهمية وقف التعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون الأمني والمعلوماتي، داعيا إلى تقليص أنشطة المؤسسات المالية والاقتصادية الأميركية في مصر، مثل البنوك والشركات وغرفة التجارة الأميركية، وإعادة النظر في اتفاقية الكويز.

وأشار سيف الدولة إلى أهمية دعم حركات المقاطعة الشعبية للمنتجات الأميركية، والتركيز على الشركات الكبرى العاملة في مصر، خاصة في مجالات البترول والخدمات وتكنولوجيا المعلومات.

واختتم بقوله إن المؤسسات الرسمية في الدول العربية قد تكون عاجزة عن تحدي الولايات المتحدة بسبب ما تعانيه من ضعف وتبعية، لكن ورقة الضغط الحقيقية تتمثل في إطلاق سراح القوى الوطنية والشعبية المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل.

بيان قوي

أوضح أستاذ الدراسات العبرية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية أحمد فؤاد أنور أن مصر تمتلك العديد من الأوراق القوية لمواجهة مخططات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي مقدمتها التلويح بتعليق العمل بمعاهدة السلام مع إسرائيل.

وأكد أن هذا التعليق يُعد “خطا أحمر” لا يمكن لواشنطن أو تل أبيب السماح بالمساس به، خصوصا أن ذلك يهدد استقرار نموذج السلام المصري-الإسرائيلي الذي تسعى واشنطن للحفاظ عليه.

وأشار الدكتور أنور إلى أن من بين الأوراق التي يمكن أن تلعبها مصر هي إفشال رغبة ترامب في إنهاء الحروب في المنطقة، عبر إرسال رسالة واضحة بأن أي خطوة لفرض التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية ستعرض الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم بأسره للخطر.

وبيّن أن ذلك سيؤدي إلى تعطيل خطط ترامب لإبرام صفقات مالية كبيرة في المنطقة، أو توسيع “اتفاقيات إبراهام”، مما سيجبره على التراجع، مشددا في حديثه للجزيرة نت على أهمية التنسيق مع القوى الإقليمية، خاصة الأردن والفلسطينيين، لكونهم الأطراف الأكثر تضررا من تلك الخطط، وأكد على ضرورة تشكيل جبهة إقليمية موحدة لمعارضة هذه المخططات وإفشالها بكل السبل.

وأعرب المتحدث عن ثقته في قدرة مصر على التعامل مع ترامب بمرونة وذكاء سياسي، مستندة إلى إدراكها أن الأخير لا يرغب في الدخول في مواجهات مفتوحة قد تهدد خططه الإقليمية.

وفيما يتعلق برد فعل مصر الرسمي، أشاد أنور بالطريقة التي تعاملت بها القاهرة مع تصريحات ترامب، حيث تجاهلت الأمر في البداية ولم تعلق عليه بشكل فوري، ما عكس الثقة بالنفس والوعي بأبعاد الموقف، وأكد أن بيان الخارجية المصرية -رغم صدوره لاحقا- كان قويا ومتزنا، وجدد رفض مصر القاطع لأي محاولة لفرض التهجير.

شاركها.
Exit mobile version