Login النشرة البريدية

بدأت معاناة الفتاة الفلسطينية نغم كُلّاب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد إنذار جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدينة غزة وشمالها، وإجبار أهلها على النزوح إلى مدن جنوب وادي غزة، تحت تهديد الدبابات والقصف العشوائي.

ومن قلب المعاناة وفي ظل الحصار الخانق على قطاع غزة، تخرج قصة نغم كلاب التي لم تتجاوز 17 من عمرها، لكنها واجهت من الأحداث ما لا يواجهه إنسان طوال حياته.

من نزوح إلى نزوح

بدأت نغم رحلة طويلة مليئة بالخوف والفقدان، رحلة قادتها وعائلتها من غزة إلى منطقة خان يونس، ومن ثم إلى مواصي خان يونس (جنوب غربي القطاع)، على أمل أن يجدوا ملاذًا آمنًا، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين تحت نيران الاحتلال.

تقول نغم بمرارة “حياتي وحياة عائلتي تغيرت بالكامل بعد إلقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي منشورات تطلب منا النزوح إلى مدن جنوب وادي غزة، حيث حملنا ما استطعنا من أغراض، وتوجهنا نحو خان يونس”.

وتضيف “ظننا أننا هناك سنكون في أمان، لكن سرعان ما اشتدت المعارك واضطررنا للهرب مجددًا من خان يونس إلى منطقة مواصي خان يونس التي كانت تُسمى (منطقة إنسانية) في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي”.

وتروي نغم في حديث للجزيرة نت تفاصيل حصارها لمدة 3 أيام من قبل الاحتلال الإسرائيلي في مواصي خان يونس التي بدأت في 21 يناير/كانون الثاني 2024، عندما كانت الساعة حوالي الثامنة مساء، وفوجئت حينها بوجود الاحتلال الإسرائيلي عند بوابة المكان الذي نزحوا إليه من دون سابق إنذار.

وتوضح “كنا عائلتين معًا: عائلتي وعائلة زوج خالتي، ولم نتمكن من الخروج بسبب وجود الدبابات والقصف المدفعي والطيران بشكل عشوائي في كل مكان”.

40 يوما

وأضافت “حاولنا الخروج مرارًا وتكرارًا في اليوم الثاني، لكن الاحتلال أطلق النار علينا، مما أدى إلى إصابة ابنة خالتي وزوجها، ولم نكن قادرين على تقديم الإسعافات لهما فاستشهدا، وظلا على الأرض أكثر من 40 يوما ولم يدفنا إلا بعد انسحاب الاحتلال من المنطقة”.

وتابعت “لم ندرك أنهما استشهدا إلا بعد ساعات من الصمت الذي خيّم عليهما، ولم نكن قادرين حتى على الاقتراب منهما بسبب شدة الرصاص والقصف من حولنا”.

وتقول نغم “وصلنا أخيرا إلى منطقة الصناعة، التي كانت هي الأخرى محاصرة من 3 جهات، وهي المنطقة الوحيدة التي تمكنا من الوصول إليها تحت القصف المستمر من الطائرات والدبابات، حيث بقينا عند أقاربنا هناك”.

“لكن بعد 3 أيام من وصولنا، حوصرت المنطقة من جميع الجهات، وفرض الاحتلال حواجز إلكترونية، وخرجنا بصعوبة عبر تلك الحواجز، واعتقل عدد كبير من الشبان من على هذه الحواجز”.

هواية الرسم

وبعد فترة طويلة من الانقطاع عن هواية الرسم بسبب عدم توفر الإمكانات، قررت نغم العودة إلى الرسم من جديد، فرسمت أول لوحة جسدت فيها لحظة مريرة عاشتها بعد حصار المكان الذي نزحت إليه، والتي تجسد استشهاد ابنة خالتها وزوجها ولم يستطع أحد دفنهما إلا بعد نحو 40 يوما.

وفي لوحة أخرى، رسمت مخيم النازحين الذي تسكن فيه حاليًا والمعاناة اليومية للظروف الصعبة التي يواجهها النازحون في غزة، مجسدة مشاعر الألم والصمود في حياتها اليومية.

يذكر أن أكثر من مليون و900 ألف مواطن نزحوا من مناطق مختلفة بقطاع غزة، وتوزعوا على عشرات آلاف الخيام وفي مئات المدارس ومراكز الإيواء التي تتعرض للقصف بشكل متكرر أيضا.

وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة خلفت أكثر من 137 ألفا بين شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

شاركها.
Exit mobile version