Login النشرة البريدية
نتنياهو (يمين) تعرض لضغوط كبيرة من ترامب للموافقة على اتفاق وقف النار (رويترز)

بلا نصر أو صورة

يقول الكاتب يوسي يهوشوا في صحيفة يديعوت أحرونوت (16 يناير/كانون الثاني) “ليست هناك حاجة إلى تجميل الواقع، إن وقف إطلاق النار الناشئ، واتفاقية إطلاق سراح الأسرى سيئان لإسرائيل، لكن ليس لديها خيار سوى قبولهما”.

وما لم يحسب له نتنياهو حسابا في حربه الوحشية على غزة أنه لن يكسب صراع الإرادات مع الشعب الفلسطيني، مهما كان حجم آلة الدمار الإسرائيلية، وهي معادلة ثابتة في تاريخ الصراع لم يستوعبها نتنياهو.

فقد أظهرت غزة ومقاومتها مجددا أنها قادرة على تحمل الحرب الشاملة الأكثر عدوانية ووحشية في التاريخ، وعدم التزحزح عن الأرض حتى بعد ألقت إسرائيل بكل ما تملكه من وسائل الدمار وأدواته بشكل لم يسبق له مثيل.

وما لم يفهمه نتنياهو أن خسائر الشعب الفلسطيني الموجعة -في حرب أرادها محاولة إبادة- وتضحياته الكبيرة التي كان يظنها طريقا إلى التسليم، عززت إرادة المقاومة بشقيها العسكري والسياسي، ودعمت إرادة الصمود والنفس الطويل، واجتراح تكتيكات عسكرية فعالة وناجعة، تبعها إدارة متمكنة للمفاوضات دون تنازلات تحقق أحلام نتنياهو.

فقد كان جيش الاحتلال يتصور أنه أنهى المقاومة في بيت حانون (شمالي غزة) -التي كانت أول مدينة يحتلها بالقطاع بداية عدوانه- لكنها أصبحت فخا مميتا لقوات الاحتلال، إذ قتل فيها 55 ضابطا وجنديا، بينهم 15 في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني الجاري، وهو ما يجعل “وعود نتنياهو وحكومته بهزيمة حماس والقضاء عليها تبدو جوفاء أكثر من أي وقت مضى” وفق الكاتب عاموس هاريل بصحيفة هآرتس (17 يناير/كانون الأول).

ورغم أن إسرائيل ألقت قنابل على غزة -بما يساوي تقريبا 3 قنابل نووية كالتي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما اليابانية عام 1945- تحولت غزة إلى مصيدة للجيش الإسرائيلي وآلته الحربية وكبار ضباطه، ولخطط نتنياهو وأوهامه في النصر.

ويرى يائير أسولين الكاتب بصحيفة هآرتس (16 يناير/كانون الثاني) في تعليقه على ضرورة الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار “حتى لو غزونا الشرق الأوسط بأكمله، فلن نفوز بهذه الحرب” وهي المعادلة التي أذعن لها نتنياهو بدروس الورطة العسكرية في غزة.

فبعد الحرب الوحشية، التي جعلته مجرما مطاردا من المحكمة الجنائية الدولية، يُجبر نتنياهو على توقيع اتفاق يلغي عمليا مشاريع كبرى كان يضمرها لغزة راودته وحكومته اليمينية منذ بداية الحرب، بينها الاحتلال الدائم للقطاع وتقطيع أوصاله بحاجز نتساريم شمالا وجنوبا، ثم إخلاء مناطق شمال وادي غزة وتحويل محافظة الشمال (بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا) إلى مناطق عازلة، وشملت أيضا محاولة فاشلة لتهجير سكان القطاع والقضاء على المقاومة والتحكم الكامل في مستقبل القطاع.

وكانت المقترحات التي وافق عليها نتنياهو (وفده في الدوحة) الأربعاء 14 يناير/كانون الثاني، ثم المجلس الوزاري المصغر -بعد 3 أيام- هي نفسها تقريبا التي رفضها رغم الدعم الأممي والدولي، بما فيه الأميركي لها في مايو/أيار 2024 بفائض من الحسابات الواهمة التي وضعها في مخططاته.

وقد يعيد الاتفاق ما بقي من الأسرى الإسرائيليين في غزة -بعد أن قتل القصف الإسرائيلي الكثير منهم- لكن أهداف نتنياهو، وبينها تدمير حماس لم يتحقق، بل ازدادت قوة، كما أن “اتفاق وقف إطلاق النار سيحرّر لها قيادة جديدة من داخل السجون الإسرائيلية عبر إطلاق سراح أفرادها إلى قطاع غزة” وفق ليلاخ شوفال المراسلة العسكرية للقناة الـ12 الإسرائيلية.

شاركها.
Exit mobile version