Login النشرة البريدية

تشوان تيان- عند الدخول إلى منزل في إقليم شينغيانغ الإيغوري الذاتي الحكم شمال غربي الصين، يكون السجاد أكثر الأثاث الداخلي تميزا ولفتا للأنظار، مصنوعا من صوف فائق الجودة، ومنسوجا بأنماط معقدة بألوان تنبض بالحياة، ويغطي الأرضيات والأرائك كما يزين الجدران، وفق ما ترصد صحيفة (تشاينا ديلي).

وباعتبار شينغيانغ مفترقا رئيسيا في طريق الحرير القديم فإنه ينتج سجادا يعكس تأثيرات ثقافية متنوعة ويتميز بزخارف تشبه نباتات وزهورًا وفواكه وفروع وأوراق شجر وحيوانات، ويتم تحويلها إلى أنماط هندسية، حسب تقرير للصحيفة.

ويضيف التقرير أن إقليم شيغنيانغ هو أحد مراكز العالم الشهيرة بالنسج اليدوي لسجاد (نقشوان) وأن الاكتشافات الأثرية أظهرت أن وجود هذا الفن في الإقليم يعود إلى نحو ألفي عام.

ويشكل الإيغور المسلمون نحو 45% من سكان إقليم شيغنيانغ اليوم وإذا ما أضفنا لهم الكازاخ والقِيرغِيز والهُوُي وغيرهم من القوميات المسلمة فإنها تشكل معا نحو 58% من سكان الإقليم.

ويأتي الحديث عن تراث صناعة السجاد في شينغيانغ ضمن اهتمام حكومي واضح بالإمكانات الاقتصادية فيه خلال السنوات الماضية، فهو أولًا وقبل كل شيء أكبر الأقاليم الصينية الـ33 مساحة التي تقدر بنحو 1.66 مليون كيلومتر مربع، مشكلة 17.31% من المساحة الكلية للصين، يليه مساحةً إقليما التبت ثم منغوليا الداخلية.

الإيغور المسلمون يشكلون 45% من سكان شيغنيانغ يضاف لهم الكازاخ والقِيرغِيز والهُوُي لتصل نسبة المسلمين 58% من سكان الإقليم (الجزيرة)

موقع إستراتيجي

ويتميز الإقليم بموقعه الإستراتيجي المهم تجاريا بين شرق آسيا ووسطها وجنوبها، حسب التقسيم الأكاديمي لقارة آسيا، إذ له حدود مع 8 دول هي أفغانستان والهند وباكستان، وكازاخستان وقيرغزستان وطاجيكستان ومنغوليا وروسيا، وهو موقع لا يتمتع به أي إقليم صيني أو حتى أي من دول شرق آسيا الأخرى، وهذا ما جعل منتجات شينغيانغ ومنها السجاد قديما تصل إلى أوروبا منذ القرن الـ16، عبر دول آسيا الوسطى تلك.

ويفسر هذا الموقع المهم تجاريا جزئيا ما نشرته صحيفة (تشاينا ديلي) في تقرير آخر قبل أيام من أن التجارة لمنطقة شينغيانغ الإويغورية الذاتية الحكم خلال الأشهر الأولى العشرة من العام الجاري بلغ 362.79 مليار يوان (50 مليار دولار)، بزيادة 28.9% على العام الماضي، وهي أعلى نسبة نمو بين الأقاليم الصينية هذا العام.

وتشير الأرقام إلى نمو متواصل للعام الـ28 على التوالي وفق تقرير لوكالة شينخوا الصينية الرسمية للأنباء صدر أول أمس.

الصادرات

نمت التجارة الخارجية للشركات الخاصة في هذه الفترة بالإقليم بنسبة 26.8%، وتشكل 92.4% من التجارة الأجنبية للإقليم حسب مصلحة الضرائب فيه، واللافت هنا أن التقرير أشار إلى ما وصفه بتغير في وجهات صادرات إقليم شينغيانغ وأنه صار “أكثر تنوعا” باستمرار بتراجع الاعتماد على سوق دول آسيا الوسطى الخمس، وفي المقابل زيادة التصدير إلى دول جنوب شرق آسيا الأعضاء في رابطة (آسيان) بنسبة 243.7% خلال 10 أشهر من هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

يأتي ذلك بعد 11 عاما من إطلاق مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي يعد شينغيانغ من عناصر نجاحها، ما استلزم تعزيز البنى التحتية والمرافق التي تسهّل من حركة التصنيع والإنتاج والتصدير للأقاليم الصينية، من بينها نشاط المناطق التجارية الحرة التي أسهمت بنحو 40.2% من التجارة الخارجية لشينغيانغ حسب أرقام مصلحة ضرائب مدينة أورومجي عاصمة الإقليم، التي تجاوز عدد سكانها 4 ملايين ما يجعلها كبرى مدن منطقة آسيا الوسطى.

وتسهم منطقة أورومجي التجارية إلى جانب 3 مناطق إيداع تجارية شاملة أخرى (قاشغر،  وقورغاس، وآلاشانكو) بـنحو 40.7% أخرى من قيمة التجارة الخارجية للإقليم.

Kashgar Central and West Asia International Trade Market 1
شينغيانغ يعتبر جزءا مهما في مبادرة الحزام والطريق الصينية لربطه بالعالم (الجزيرة)

وتتماشى هذه الأرقام مع ما نشره الإعلام الرسمي الصين في شهر مارس/آذار الماضي من أن إقليم شينغيانغ، 26 مليون نسمة حسب الأرقام الرسمية، سجل نموا في ناتجه المحلي بنسبة 6.8% خلال عام 2023، وهي أعلى من متوسط نسبة النمو على المستوى الوطني للصين العام الماضي والتي كانت 5.2%.

وضمن أرقام العام الماضي يبرز إسهام قطاع السياحة في ذلك النمو الاقتصادي بدخل بلغ 41.2 مليار دولار، وذلك بجذب ملايين السياح، وارتفعت قيمة الاستثمارات في الأصول بنسبة 12.4%، كما ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 18.8% مقارنة بعام 2022، ونمت التجارة الخارجية من استيراد وتصدير بنسبة 46% مقارنة بعام 2022، شكلت منها التجارة مع دول آسيا الوسطى 79.4% من تجارة شينغيانغ الخارجية طوال عام 2023.

ثروات طبيعية

وبالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي ومساحتها الشاسعة، تمثل شينغيانغ أهمية كبرى في مجال الطاقة والمعادن والزراعة، وهي مصادر تحتاجها دول عديدة في آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا التي ارتفعت تجارة بعضها مع الصين خلال العقد الماضي، وقد اكتسبت منتجات الإقليم ثقة عالمية، وجودةً وقيمةً، وفق تحليل الباحث في معهد دراسات الاقتصاد والسياسة الدولية في أكاديمية الصين للدراسات الاجتماعية، لين شين.

وحسب أرقام وزارة التجارة الصينية الصادرة مطلع العام الجاري فإن إقليم شينغيانغ يعد موطنا مهما لموارد الطاقة والمعادن الثمينة، حيث يقدر احتياطيه بنحو 23 مليار طن من النفط، وهو ما يمثل نحو 22% من الموارد النفطية في البر الصيني، فيما تبلغ موارد الغاز الطبيعي المقدرة بـ17.5 تريليون متر مكعب، وهو ما يمثل 28% من موارد الغاز في الصين، كما تبلغ موارد الفحم المقدرة 2.19 تريليون طن، وهو ما يمثل حوالي 40% من الاحتياطات الإجمالية للدولة.

ولدى الإقليم إمكانات الطاقة المولدة بالرياح والتي تشكل نحو خُمس إمكانات إنتاج الصين منها والثانية بين أقاليمها، وشينغيانغ الثاني أيضًا بين أقاليم الصين من حيث مصادر الطاقة الشمسية.

وزراعيا، تبلغ مساحة الأراضي الغابية في شينغيانغ 12.2 مليون هكتار، والمناطق العشبية 52 مليون هكتارا، وهو ما يجعلها واحدة من المناطق الرعوية الخمس الرئيسية في الصين، ويمثل إنتاج القطن في شينغيانغ 90.2% من إجمالي إنتاج الصين، وفي العام الماضي بلغ حصاد شينغيانغ من القطن 5.12 ملايين طن، فهو الأول في إنتاج القطن في الصين ولـ29 عاما متواصلة، وتشكل الزراعة نحو 14% من الناتج المحلي للإقليم.

وتسهم هذه الموارد في مجموعة من الصناعات الإستراتيجية في مجال النفط والغاز ومعالجتهما، وإنتاج الفحم وتوليد الطاقة الحرارية والمواد الكيميائية الفحمية، والتعدين الأخضر، والحبوب والزيوت، والقطن والمنسوجات، والملابس، والفواكه والخضروات، ومنتجات الثروة الحيوانية والطاقة المتجددة.

ويشير تقرير آخر ضمن سلسلة منشورات (تشاينا بريفينغ) لشركة استشارات اقتصادية في هونغ كونغ إلى أنه يوجد في شينغيانغ أكثر من 130 نوعا من الموارد المعدنية النادرة والمهمة اقتصاديا، ومنها احتياطيات البيريليوم والميكا أو اللكاث وهي الأعلى في الصين، ولذلك تعد معالجة المعادن واحدة من أهم الصناعات في شينغيانغ.

شاركها.
Exit mobile version