Login النشرة البريدية

شهدت محكمة باريس في فرنسا مؤخرا مواجهة قضائية هزت البلاد، كشفت عن تفاصيل صادمة حول التجسس والفساد في قضية بين أغنى رجل أعمال في فرنسا برنار أرنو، والمخرج الساخر فرانسوا روفين، ورئيس الاستخبارات الفرنسية السابق برنار سكوارسيني.

وكشف تقرير بصحيفة نيويورك تايمز عن تفاصيل القصة التي بدأت عندما كان روفين يصور فيلما وثائقيا ساخرا بعنوان “شكرا أيها الرئيس!”، يسخر فيه من أساليب أرنو في إدارة مجموعة “إل في إم إتش” (LVMH) العملاقة، وخصوصا فيما يتعلق بتسريح العمال وإغلاق المصانع.

وتضم الشركة متعددة الجنسيات أكبر مجموعة للعلامات التجارية الفاخرة في العالم، وانتُقدت المجموعة لاستعانتها بمصادر خارجية لتوفير الوظائف وإغلاق المصانع في فرنسا، مما أدى إلى تسريح آلاف العمال، وإلحاق الضرر باقتصاد مجتمعات كاملة.

ووفق التقرير، استغرب روفين حين وجد أن أحد أعضاء فريقه، مارك فول، كان يتجسس لصالح المجموعة، وحالما انتبه المخرج للجاسوس أصبح يرسله في مهام عشوائية لتضليله.

وتبين لاحقا أن فول، واسمه الحقيقي ألبرت فرحات، كان عميلا استخباراتيا سابقا أعطاه المهمة برنار سكوارسيني، المدير السابق للاستخبارات الفرنسية.

لماذا يقلق فوز اليمين المتطرف سكان أحياء المهاجرين في فرنسا؟

واستعانت الشركة بسكوارسيني حالما علمت بالفيلم، وطلبت منه التجسس على روفين ومجلته الساخرة “فاكر” -والتي استخدمت أيضا لانتقاد أرنو- أثناء إعداد الفيلم الوثائقي.

وقال التقرير إن الوثائق التي كشفها التحقيق القضائي أوضحت أن فول كان يتجسس على روفين وفريقه بين عامي 2013 و2016، أي طوال سنوات إنتاج الفيلم، عبر التنصت على المكالمات الهاتفية وجمع معلومات عبر كاميرات خفية وتتبع كل تحركات الفريق.

وحاز الفيلم على إعجاب الكثيرين عندما نشر في 2016 وحاز على جائزة سيزار، إذ إنه سلط الضوء على التكلفة البشرية لإستراتيجيات الأعمال التجارية للشركة، وفق التقرير.

وتضمن مشاهد فكاهية لمحاولات تأمين تعويضات للعمال المسرحين، كما سرد قصصا حقيقية لأشخاص تأثروا بإغلاق المصانع، بهدف إجبار أرنو على الاعتراف بالضرر الذي تسببت فيه قراراته.

مواجهة حاسمة

وخلال المحاكمة، دافع الثري أرنو عن نفسه، مؤكدا أنه لم يكن على علم بأي أنشطة تجسسية، وسعى إلى تسليط الضوء على إنجازاته كرئيس تنفيذي للشركة التي تضم 75 علامة تجارية وأكثر من 200 ألف موظف، حسب التقرير.

أما روفين فاستغل المحاكمة لتسليط الضوء على ممارسات الشركة التي اعتبرها غير إنسانية، وعلى محاولة الشركات الكبرى قمع التغطية الإعلامية حول ممارساتها “الظالمة”.

ولفت التقرير إلى أن المحاكمة لم تكن مجرد مواجهة بين رؤيتين مختلفتين للعالم، واحدة تمثل العولمة ورأس المال، والثانية تعكس الغضب الشعبي من الظلم الاجتماعي والاقتصادي، بل إنها سلطت الضوء أيضا على الحدود الأخلاقية التي قد تتجاوزها الشركات لحماية سمعتها.

أما سكوارسيني، فواجه 11 تهمة تشمل استغلال نفوذه لخدمة مصالح شخصية وتسريب أسرار أمنية، حسب التقرير، ومن جانبه، شهد فول “الجاسوس” بأنه يعمل أساسا كصحفي مستقل ويغطي الجماعات المتطرفة، ولكنه اعترف أيضا بأنه تسلل إلى فريق روفين لصالح برنارد سكوارسيني والمجموعة.

وفي عام 2021، دفعت “إل في إم إتش” غرامة قدرها 10 ملايين يورو لتسوية القضية دون اعتراف بالذنب، ومع ذلك، أجبرت المحاكمة أرنو على الظهور علنا، ومواجهة الانتقادات اللاذعة أمام الناس، كما أبدى تقبله للقاء العمال المسرحين، حسبما نقل التقرير.

ولا تزال القضية محور اهتمام الرأي العام، وفق كبيرة مراسلي الأعمال الأوروبية في باريس لصحيفة نيويورك تايمز ليز ألدرمان، حيث تعكس تصادما بين قوى رأس المال وصوت الشعب الذي يسعى للمساءلة والعدالة الاجتماعية.

شاركها.
Exit mobile version