Login النشرة البريدية

بعد تدمير أغلب مكتبات مدينة الموصل العراقية -ثانية كبرى مدن البلاد- في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية التي تلتها أحداث واضطرابات أمنية وعسكرية استمرت لأكثر من 3 أعوام، أسس الأستاذ الجامعي عبد الستار عبد الجبار مكتبة متنقلة في حافلة لاستعادة “جيل يؤمن بالقراءة”.

وقال عبد الجبار “بعد الدمار والخراب الذي طال المكتبات العامة ومكتبة جامعة الموصل بعد عام 2017، أصبحنا في مدينة الموصل نفتقر لوجود مكتبة مفتوحة على مدار الساعة. ولقد رأيت المكتبات في أوروبا أنها جزء لا يتجزأ عن المجتمع، بينما نحن نفتقر لهذا الأمر. فإننا نذهب للحدائق العامة نرى الكافيتريات والمطاعم موجودة بوفرة، ولكننا لا نرى المكتبات”.

المكتبة المتنقلة تجوب شوارع الموصل، وتتوقف لبضعة أيام في كل مرة بمختلف مناطق المدينة (رويترز)

افتتح عبد الجبار المكتبة المتنقلة في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني بفضل تبرعات الأكاديمية العربية الألمانية للباحثين الشباب في العلوم والمواد الإنسانية وغيرها من الجهات التي ساعدت في جمع الأموال وتزويد المكتبة بالكتب.

وأردف عبد الجبار “سوف تكون المكتبة مجانية بالكامل، ولدينا عدة أفكار سوف نطبقها بالقريب العاجل إن شاء الله، تتضمن تبادل الكتب واستعارتها، والترويج لمشاريع القراءة، وتكوين مجموعات ومنتديات للقراءة داخل المدينة”.

ويضيف “قيل قديما إن “القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ”، نتمنى أن نستعيد هذا الجيل الذي يؤمن بالقراءة والمعرفة. ولن تجد من الشباب اليوم من لا يمتلك هاتفا ذكيا، فإذا لم يستطيعوا قراءة الكتاب الورقي، يمكننا تشجيعهم على قراءة الكتب الإلكترونية”.

وتجوب المكتبة شوارع الموصل، وتتوقف لبضعة أيام في كل مرة بمختلف مناطق المدينة.

وأوضح عبد الجبار “لا يمكنني بالتأكيد إقامة مكتبة بحجم المكتبات العامة، لذا جاءت لي الفكرة أن أبادر إلى عمل مكتبة متنقلة، واشتريت الحافلة وحولتها بطريقة حضارية إلى مكتبة، ورسالتنا أن نصل إلى القارئ أينما كان، فلا نتكلم عن الموصل وحدها، بل هناك أماكن لا يستطيع الناس فيها للوصول إلى المدينة، أو لجامعة الموصل لاستعارة كتاب”.

People browse books in a new solar-powered, environmentally friendly mobile library, the first of its kind in the city since its liberation in Mosul, Iraq, November 15, 2024. REUTERS/Khalid Al-Mousily
المكتبة المتنقلة من الداخل (رويترز)

واستولى تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل في عام 2014، وتسنى تحريرها في عام 2017. وكانت قد تعرضت لأضرار جسيمة، إذ دُمرت مئات المنازل والمباني العامة ومن بينها المطار ومحطة السكك الحديدية الرئيسية في المدينة وجامعة الموصل.

وأعادت الجامعة في وقت لاحق فتح ما كانت أكبر مكتبة في المدينة، لكن على نطاق أصغر.

ويقول باحثون وسكان من المدينة العريقة أن الحكومة العراقية غير جادة وغير مراعية للظروف التي مرت بها المدينة والدمار الذي لحق بها، ولم تتم معالجة آثار الماضي وتعويض المتضررين ومعالجة شرخ الهوية من خلال ذلك.

وقال غسان سالم، وهو تاجر عراقي يزور المكتبة، “لقد فقدنا الكثير خلال تلك السنوات، فلا يوجد قراءة ولا مكتبات، واليوم حينما تذهب إلى أي مكان بهذه المكتبة المتنقلة، لا بد أن ترى شخصا يدخل ويأخذ كتابا ويتصفحه أو حتى يقرأ عنوانه، فيصير لديه شغف ورغبة في المعرفة، بعدما كان فاقدا لها، وبهذا تكون أحييت القراءة وحب الكتب لدى الناس من جديد”.

ومنذ إعلان الحكومة العراقية إحكام سيطرتها على الموصل في العاشر من يوليو/تموز 2017 بعد معارك عنيفة استمرت 9 أشهر، لا تزال مشاهد الدمار والخراب ماثلة في أرجائها.

شاركها.
Exit mobile version