Login النشرة البريدية

“الوضع هنا كارثي، فالمستشفيات الثلاثة المتبقية في شمال قطاع غزة وهي كمال عدوان والإندونيسي (حكوميان) والعودة (أهلي)، تتعرض للقصف والحصار الإسرائيلي، ومع ذلك تواصل المستشفيات عملها بشكل جزئي”، بهذه الكلمات عبّر الوكيل المساعد لوزارة الصحة في قطاع غزة ماهر شامية عن الضغط الهائل الذي تتعرض له المنظومة الصحية في محافظة شمالي القطاع نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية.

ورفض أطباء مستشفيات كمال عدوان والعودة والإندونيسي التخلي عن مرضاهم، رغم أوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في بداية هجومه الكبير الأحدث على شمالي قطاع غزة قبل 16 يوما، وناشدوا المجتمع الدولي والصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية فتح ممر إنساني لإدخال الوقود والمستلزمات الطبية والطعام.

وأكد شامية، في تصريحات صحفية، أن قوات الاحتلال قصفت الطوابق العلوية لمستشفى كمال عدوان بعدة قذائف، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل، كما استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية ساحة المستشفى مما أسفر عن استشهاد فلسطيني وإصابة اثنين آخرين.

وذكر أن القدرة الاستيعابية للمستشفى قد انتهت تماما في ظل امتلاء جميع الأقسام بما فيها العناية المركزة وحضانة الأطفال.

ولفت ماهر شامية إلى أنه تم اللجوء لاستخدام المفارش الأرضية في قسم الولادة الذي يخضع للترميم لاستقبال المزيد من المصابين.

وأما فيما يتعلق بالهجوم الذي استهدف مستشفى العودة في جباليا، فقال شامية إن هذا المستشفى تعرض أيضا لإصابات مباشرة في الطوابق العلوية، دون توضيح طبيعة الاستهداف.

وعن المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، أكد شامية أن الدبابات الإسرائيلية حاصرت المستشفى ودمرت أسواره، كما قصفت المولد الكهربائي الرئيسي، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي والذي بدوره أدى لاستشهاد مريضين في قسم العناية المركزة.

وذكر شامية أن المستشفيات الثلاثة تعاني من نقص حاد في الطاقم الطبي، وخاصة المتخصصين في الجراحات التخصصية، حيث لم يتبقَ سوى عدد قليل منهم للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الإصابات، لافتا إلى أن استمرار الحصار الإسرائيلي تسبب في نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية والطعام والماء والوقود اللازم لتشغيل الأجهزة داخل المستشفيات الثلاثة.

وجدد شامية مطالبة وزارته المؤسسات الدولية المعنية بحماية المستشفيات والمنشآت المدنية وتجنيبها “الجنون الإسرائيلي”، مؤكدا أن هذه المستشفيات يجب ألا يكون لها علاقة بما يجري على الأرض مطلقا.

ومنذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري يشن جيش الاحتلال حرب إبادة على شمال قطاع غزة مرتكبا مجازر مروعة عبر قصف المنازل ومراكز الإيواء ونسف وتدمير وحرق أحياء سكنية كاملة، إضافة إلى منع إدخال الطعام والمياه إلى المنطقة، مما خلّف مئات الشهداء والجرحى في ظل تعطّل شبه كامل لعمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني نتيجة استهدافهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أو منعهم من تأدية مهامهم.

آليات إسرائيلية تبدأ في هدم أجزاء من المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة

إدانات أممية

تفاقم الأوضاع جراء استمرار استهداف الاحتلال للمستشفيات في شمال غزة، دفع القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا للدعوة إلى ضرورة حماية المدنيين والجرحى والمرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق الصحية بموجب القانون الدولي الإنساني.

وقالت مسويا إن “الأخبار المروعة القادمة من شمال غزة تكشف أن الفلسطينيين يعانون من أهوال لا توصف تحت الحصار الذي تفرضه القوات الإسرائيلية”.

وأضافت في تصريحات نشرها الموقع الرسمي للأمم المتحدة، “الناس محاصرون تحت الأنقاض في شمال غزة، وتمنع فرق الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم، كما يتم قصف المستشفيات المكتظة بأعداد كبيرة من المرضى”.

وأكدت مسويا على ضرورة أن تتوقف هذه الفظائع، وأن يتم احترام القانون الدولي الإنساني. كما دعت إسرائيل إلى ضرورة الامتثال للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية.

من جانبه، دعا منسق الشؤون الإنسانية بالأراضي الفلسطينية المحتلة مهند هادي إلى ضرورة السماح للفرق الطبية وفرق الإنقاذ بالوصول دون تأخير لإنقاذ الأرواح، قائلا إن “القانون الدولي الإنساني التزام يجب احترامه دائما”.

وأضاف هادي في بيان أن تعرض مستشفيي العودة والإندونيسي -وهما مستشفيان من أصل ثلاثة مستشفيات لا تزال تعمل في محافظة شمال غزة- لقصف مباشر يعمق الأزمة الإنسانية المقلقة بالفعل في شمال القطاع.

وفي الأسبوعين الماضيين، زادت القوات الإسرائيلية من ضغوطها على هذه المستشفيات لإخلائها، لكن المرضى لم يكن لديهم مكان يذهبون إليه. وأصيب المرضى والطاقم الطبي والنازحون، وفق المنسق الأممي.

وأشار هادي إلى أن القوات الإسرائيلية لم تستجب منذ الجمعة الماضي لطلب عاجل من الأمم المتحدة للوصول إلى شمال غزة للمساعدة في إنقاذ العشرات من الجرحى المحاصرين تحت الأنقاض، مشيرا إلى أن “كل دقيقة مهمة وهذه التأخيرات تهدد الحياة”. وقال “يجب حماية المستشفيات والمرضى والطاقم الطبي وغيرهم من المدنيين دائما. إنهم ليسوا هدفا أبدا”.

تدمير ممنهج

وفي تعليق على الحرب الإسرائيلية الممنهجة على المستشفيات، قال المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش إن “الاحتلال تعمد منذ اللحظة الأولى لدخول غزة إلى تدمير المنظومة الصحية، وكان يهدف بذلك إلى قطع عنصر الأمن والأمان للسكان المحليين، وذلك ضمن مخطط ممنهج لتهجير سكان شمال قطاع غزة نحو مناطق الجنوب”.

وأضاف في حديث للجزيرة نت، أن جيش الاحتلال لا يزال ينفذ مخطط التهجير ولم يتنازل عنه، حيث كان يطلب منا دائما نحن الفرق الطبية خلال حصاره للمستشفيات ترحيل الأطباء والمرضى عبر شارع صلاح الدين إلى مناطق الجنوب، وأحضر حافلات وسيارات إسعاف، وكان يسهل عمليات ترحيل المصابين من مستشفيات الشفاء في مدينة غزة والإندونيسي في بيت لاهيا.

وبحسب البرش، فإن الاحتلال يعيد الكرة مرة أخرى من خلال حصار مستشفيات شمال غزة وقطع كل الإمدادات الطبية والغذائية من أجل إجبار الناس على التهجير القسري ضمن ما تسمى “خطة الجنرالات”.

بدوره، قال وكيل وزارة الصحة المصرية سابقا مصطفى جاويش إن “نية جيش الاحتلال كانت واضحة جدا منذ اللحظة الأولى لاجتياح شمال قطاع غزة، وهي التدمير المتعمد لكل مقومات الحياة وعلى رأسها المستشفيات وحرق البنية التحية الصحية بشكل كامل”.

وأضاف في حديث للجزيرة نت، أن الاحتلال بدأ حملته على المستشفيات في الشهر الأول للحرب على غزة بقصف المستشفى المعمداني، وشبه حينها ما جرى بقصف الحلفاء لمستشفيات برلين في الحرب العالمية الثانية، ثم بدأ حصاره لمستشفى الشفاء أكبر مستشفيات قطاع غزة بحجة وجود أنفاق، قبل أن يتوسع في استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف واستهداف الطواقم الطبية بالقتل والاعتقال أمام صمت العالم.

ودعا جاويش لتدخل دولي عاجل من أجل رفع الحصار عن مستشفيات شمال غزة وتزويدها بالوقود والمستلزمات الطبية، بالإضافة لإقامة مستشفيات ميدانية بضمان المجتمع الدولي.

وخلفت الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بدعم أميركي أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بقطاع غزة.

شاركها.
Exit mobile version