Login النشرة البريدية

قال مركز ستراتفور الأميركي للدراسات الإستراتيجية والأمنية إن لدى إسرائيل خيارات متعددة للعمليات البرية بينما يحاول حزب الله إعادة تنظيم صفوفه والتعافي من خسائره.

لكنه استبعد في تقييماته أن تعمل أي عملية برية على تأمين جنوب لبنان بشكل أكيد وسريع، وربما تجر إسرائيل إلى حملة عسكرية أطول مدة وأوسع امتدادا لن تحقق لها أهدافها بالكامل، وتسبب المزيد من الضرر للبنان.

وجاء في التقييم أن الدلائل، التي برزت في 30 سبتمبر/أيلول، ازدادت إذ تشير إلى أن إسرائيل تستعد لغزو لبنان، مع رصد الدبابات على الحدود الشمالية الإسرائيلية وتحذير المسؤولين الأميركيين من أن العملية قد تكون وشيكة.

غارات واسعة النطاق

أفاد مركز ستراسفور أن الجيش الإسرائيلي واصل شن غاراته الجوية الواسعة النطاق التي طالت البقاع وبيروت وجنوب لبنان والحدود السورية اللبنانية بعد اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.

وقال إن تلك العمليات تهدف إلى إضعاف قدرات حزب الله، وتفكيك هيكل قيادته، ومنع شحنات الأسلحة الواردة من سوريا من خلال فرض حصار عسكري فعال ضد التنظيم، وعزله عن حلفائه وخطوط الإمداد من إيران.

وأضاف المركز الأميركي أن مسؤولين إسرائيليين -لم يُكشف عن هويتهم- زعموا أن الجيش الإسرائيلي بدأ الأيام والأشهر الأخيرة بالفعل عمليات خاصة ضد حزب الله جنوب لبنان، والوصول إلى الأنفاق لجمع المعلومات الاستخباراتية عنها وعن استعداد التنظيم لخوض حرب برية.

ووفقا لتقييم ستراسفور، فإن إسرائيل تستغل “الفوضى المؤقتة” في حزب الله بعد سلسلة من الضربات الناجحة التي تلقاها، وضعف رد فعله على مقتل زعيمه، مرجحا أن تغتنم حكومة نتنياهو ما تراه فرصة العمر لتفكيك الجناح العسكري للحزب.

قوات إسرائيلية تنتشر بمنطقة الجليل الأعلى شمال إسرائيل يوم 27 سبتمبر/أيلول 2024 (الفرنسية)

الانتصارات التكتيكية المتتالية

يعتبر ستراسفور الانتصارات التكتيكية المتتالية التي حققتها إسرائيل -بما فيها هجماتها يومي 17 و18 سبتمبر/أيلول على أجهزة حزب الله الإلكترونية- والأضرار التي لحقت ببنية القيادة والسيطرة التابعة للحزب اللبناني وقدراته العسكرية، مما يشجع الجيش الإسرائيلي على اغتنام الفرصة لفرض منطقة عازلة جنوب لبنان، على أمل السماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة بعد أن أجبروا على الفرار بسبب هجمات حزب الله الصاروخية عبر الحدود.

ويرى المركز الأميركي أن الإسرائيليين يشعرون بالجرأة لأن حزب الله أصبح مستنزفا إلى حد كبير وغير قادر على الدفاع بكفاءة ضدهم على الأرض أو تهديد مدنهم باستمرار. كما يستغل الإسرائيليون أيضا عدم رغبة إيران الواضحة في التسرع في الدفاع عن حزب الله أو الرد بشكل كبير على إسرائيل لمقتل نصر الله، رغم أن حزب الله هو وكيل طهران الأكثر تسليحا وتنظيما وأهمية بالمنطقة.

ويرجح ستراسفور أن تشن إسرائيل توغلا بريا محدودا على الأقل في لبنان كخيار أول، رغم أن إسرائيل قد تتبنى إستراتيجيات أكثر عدوانية لإنشاء المنطقة العازلة المرغوبة في الجنوب.

إضعافه وليس تدميره

وكانت إسرائيل قد صرحت بأنها لا تسعى إلى تدمير حزب الله، وهو هدف حربها عام 2006 مع هذه الجماعة اللبنانية، بل تسعى إلى إضعافه إلى الحد الذي يضطر فيه إلى الانسحاب من الحدود وإنهاء الهجمات على إسرائيل.

ونتيجة لهذا الهدف، الذي يصفه ستراتفور بأنه الأقل اتساعا، فإن إسرائيل ستقيس العمليات البرية المصممة لكسر الإرادة السياسية لحزب الله في المقاومة وإنشاء منطقة عازلة بالجنوب دون تحويل التركيز عن جبهتي غزة والضفة الغربية.

كيف سيكون الموقف الأمريكي إذا أقدمت إسرائيل على اجتياح جنوب لبنان؟

وتشمل هذه الخيارات، مرتبة من الأكثر احتمالا إلى الأقل احتمالا، ما يلي:

التوغل جنوب لبنان ثم الانسحاب إلى الحدود، على غرار إستراتيجية إسرائيل في غزة، بهدف إنشاء “منطقة محدودة منزوعة السلاح” لا يستطيع حزب الله وغيره من المسلحين التمركز فيها أو الانتقال إليها، وسوف تفرض إسرائيل هذه المنطقة من خلال إطلاق النار عبر الحدود بدلا من القوات البرية، مما يحد من مخاطر وقوع الجيش في فخ حرب العصابات.

عمليات محدودة بمنطقة حدودية لاحتلال منطقة عازلة. وفي هذا السيناريو، سوف يرسل الإسرائيليون قوات لاحتلال شريط يبلغ عمقه نحو 10 كيلومترات داخل لبنان. وهذا الخيار أكثر خطورة على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري من الغارات والانسحابات.

التوغل إلى نهر الليطاني، ثم الانسحاب. وبعد أن يرى الجيش الإسرائيلي حزب الله في حالة من الفوضى، فإنه سوف يتقدم إلى عمق جنوب لبنان حتى نهر الليطاني، فيغرق المنطقة بالقوات لتفكيك البنية الأساسية للحزب، ويقتل ويأسر أعدادا كبيرة من مقاتليه.

التوغل نحو نهر الليطاني لإعادة إنشاء نسخة مؤقتة من منطقة عازلة أقامها عام 1982. وفي هذا السيناريو، يخلص جيش الاحتلال إلى أن الاحتفاظ بالأراضي اللبنانية هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف إسرائيل الأمنية وجعل حزب الله على استعداد للتفاوض على نهاية مستدامة للقتال.

ويمضي المركز الأميركي إلى القول إن العمليات البرية الإسرائيلية في أقصى الشمال حتى البقاع قد لا تعتمد على ألوية تقليدية بل قوات الكوماندوز التي من المرجح أيضا أن تبدأ في العمل بشكل متكرر داخل سوريا لاعتراض الإمدادات من إيران، وأسر وقتل كبار قادة حزب الله، وإضعاف موقف حزب الله بشكل عام.

وفي الوقت نفسه، قد تشتد الحملة الجوية الإسرائيلية على بقية لبنان، وتضرب قوات حزب الله وكذلك البنية الأساسية للنقل اللازمة لإعادة إمدادهم لمحاولة شل المنظمة.

ويختم ستراسفور بفرضية أنه إذا تمكن حزب الله من قتل أعداد كافية من القوات الإسرائيلية، فإن هذا من شأنه أن يضعف من عزم إسرائيل على الاحتفاظ بالمنطقة العازلة، وقد يجبرها على إنهاء القتال دون الحصول على ضمانات بخروج الحزب الدائم من جنوب لبنان.

شاركها.
Exit mobile version