Login النشرة البريدية

أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، الانتهاء من الجزء الأساسي من عمليات جيش الاحتلال في سوريا، مشيرة إلى أنها دمرت من 70% إلى 80% من القدرات العسكرية لنظام بشار الأسد. في حين أكدت مصادر أمنية أن توغل إسرائيل العسكري في جنوب سوريا تجاوز المنطقة العازلة ووصل إلى نحو 25 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق. وأكدت وكالة “رويترز” أن القوات الإسرائيلية وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا.

ووفقا للمصادر الإسرائيلية، شاركت 350 مقاتلة في مهاجمة المواقع السورية من دمشق إلى طرطوس، ضمن ما وُصفت بأنها “أكبر عملية في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي”، وشملت استهداف قواعد عسكرية وعشرات الطائرات المقاتلة، وأنظمة صواريخ أرض جو، وأرض أرض، ومنظومات الدفاع الصاروخي، ومواقع إنتاج ومستودعات الأسلحة، إضافة إلى مخازن الأسلحة الكيميائية.

وبالقطع هناك دلالات غير خفية تتعلق بتوقيت العمليات الإسرائيلية في سوريا التي تأتي بعد السقوط المدوي للنظام الأسدي الذي حافظ على حالة “اللا سلم واللا حرب” مع إسرائيل لأكثر من خمسين عاما حكمها الأسد الأب والابن. بيد أن هناك إشارات لا تقل أهمية ترتبط بنوعية القدرات العسكرية التي استهدفتها إسرائيل، التي تهدف فيما يبدو إلى تجريد السلطات القادمة في سوريا من أي قدرات عسكرية نظامية، وتركها فقط مع أسلحة خفيفة تشبه أسلحة الميليشيات أو الفصائل، من أجل توسيع فارق القوة الشاسع بالفعل بين الطرفين، ومنع سوريا الجديدة من أن تتحول إلى مصدر تهديد لإسرائيل.

لا عجب إذن أن القوات الجوية السورية كانت على رأس قائمة بنك الأهداف الإسرائيلي. فقد كان سلاح الجو السوري، الذي تأسس عام 1948، عنصرا مهما تاريخيا في القدرات العسكرية للبلاد، وعلى مر السنين، قام بتشغيل أسطول متنوع من الطائرات، التي حصل عليها في المقام الأول من الاتحاد السوفيتي ثم روسيا لاحقا.

امتلكت القوات الجوية السورية دائما القدرة على شن القصف الجوي والدعم الجوي للعمليات على الأرض وإعادة الإمداد الجوي وإطلاق الأسلحة جوا، وهذا في المقام الأول هو ما يرعب إسرائيل، التي تخشى -أكثر ما تخشى- من أمرين لا ثالث لهما، وهما أولا: قدرتها على الاحتفاظ بالتفوق الجوي في أجواء سوريا، وثانيا: قدرة أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها (مثل القبة الحديدية أو مقلاع داود أو غيرهما) على صد الضربات القادمة من سوريا عاجلا أو آجلا.

سلاح الجو السوري

يتضمن مخزون سلاح الجو السوري أنواعا مختلفة من الطائرات التي ترى إسرائيل أن وقوعها بيد نظام مُعادٍ سوف يكون خطرا محدقا، منها الطائرات المقاتلة، من طرازات “ميغ 21″ و”ميغ 23″ و”ميغ 29” التي شكَّلت العمود الفقري للعمليات الجوية السورية. والجدير بالذكر أن دمشق تلقَّت مقاتلات “ميغ 29 إس إم تي” (MiG-29SMT) جديدة بوصفها مساعدة عام 2020، مما عزز قدراتها القتالية الجوية.

تُعد “ميغ 29 إس إم تي” نسخة متقدمة من الطائرة المقاتلة “ميكويان ميغ-29” (ويكيميديا)

تُعد “ميغ 29 إس إم تي” نسخة متقدمة من الطائرة المقاتلة “ميكويان ميغ-29” السوفيتية متعددة المهام ذات الشهرة الكبيرة، لكنها تتضمن ترقيات كبيرة في الإلكترونيات وأنظمة الأسلحة والمدى التشغيلي، مما يعزز من فعاليتها القتالية، فقد جُهِّزت الطائرة برادار “تشوك مي” (Zhuk-ME)، الذي يوفر قدرات اكتشاف وتتبع محسّنة لكلٍّ من الأهداف الجوية والبرية والبحرية، وبالتالي يوسع من وظائف الطائرة.

كما أن الطائرة مدعومة بمحركَيْ “تربوفان”، كلٌّ منهما يوفر قوة دفع للإقلاع تبلغ 8300 كغم، تدفع الطائرة لتصل إلى سرعة قصوى تبلغ 2400 كم/ساعة عند الارتفاعات العالية، و1500 كم/ساعة بالقرب من مستوى سطح الأرض. ويبلغ مدى طيران الطائرة 1800 كم بدون خزانات وقود خارجية، ويمكن تمديده إلى 2400 كم بخزان واحد. كل هذا ولم نتحدث عن قدرة الطائرة على إطلاق أسلحة عالية الدقة جو-جو وجو-أرض، بما في ذلك الصواريخ والقنابل الموجهة، مما يمكّنها من التعامل بفعالية مع مجموعة واسعة من الأهداف.

إلى جانب ذلك، تستخدم القوات الجوية السورية طائرات مقاتلة من نوع “سو-22″ و”سو-24” الصالحة لمهام الهجوم البري، وتوفير الدعم الجوي القريب والاشتباك مع الأهداف الأرضية، كما يضاف إلى هذا الأسطول العديد من مروحيات من فئات “ميل مي-17″، و”ميل مي-8″، و”ميل مي-24″، إضافة إلى مروحيات “إس إيه 342 جازيل” (SA-342 Gazelle)، التي تخدم أدوارا متعددة من النقل إلى مهام الهجوم، وهي بذلك تمثل دعما غاية في الأهمية لسلاح الجو أثناء العمليات الهجومية، أو للمشاة أثناء العمليات البرية، وتمثل أداة أساسية في ترسانات الجيوش المعاصرة.

بعض آثار قصف طائرات النظام السوري المخلوع بالغازات السامة في ريف حماة الشمالي
بعض آثار قصف طائرات النظام السوري المخلوع بالغازات السامة في ريف حماة الشمالي (ناشطون)

تُعد مروحية “ميل مي-24” تحديدا واحدة من أيقونات الإنتاج الروسي، فهي قيد الخدمة منذ أكثر من 40 عاما، ومزودة بتسليح قوي وبنية قوية وقدرة على العمل في بيئات قاسية. وقد استُخدمت المروحية في القتال في جميع أنحاء العالم تقريبا، واكتسبت سمعة باعتبارها واحدة من أكثر مروحيات الهجوم فعالية على الإطلاق.

مع ضخامتها، تؤدي “ميل مي” مهمة مزدوجة بوصفها مروحية مسلحة ووسيلة لنقل القوات في الآن ذاته، وهي قادرة على حمل ما يصل إلى ثمانية جنود. وتتسلح المروحية بمدفع “غاتلينغ” مرن عيار 12.7 ملم، ويمكنها حمل مخازن خارجية مختلفة للأسلحة، بما في ذلك الصواريخ والقذائف والقنابل، بسعة حمولة إجمالية تصل إلى 1500 كغم، وسرعة قصوى 335 كم/ساعة ومدى يبلغ 450 كم.

بالطبع أسهمت الحرب المطولة للنظام السوري ضد معارضيه في إنهاك القوات الجوية بشدة، ما تسبب في انخفاض عدد الطائرات القادرة على أداء المهام، وأثَّر على قدرة القوات الجوية على إجراء عمليات مستدامة، فيما تسبب نقص التدريب الجديد في تقليص مهارات الطيارين، مما أثر على فعالية القتال عموما، لكن امتلاك ولو جزء بسيط من تلك القدرات من المؤكد أنه يقلق الإسرائيليين بشكل كبير.

تُعد مروحية “ميل مي-24” تحديدا واحدة من أيقونات الإنتاج الروسي (ويكيميديا)

الدفاع الجوي

تضمنت ترسانة الجيش السوري أيضا مزيجا من أنظمة الصواريخ أرض-جو الثابتة والمتحركة، مثل “إس 75 دفينا” (S-75 Dvina)، و”وإس-125 نيفا-بيكورا” (S-125 Neva/Pechora)، بجانب “إس-200″ (S-200) و”بانتسير إس 1” (Pantsir S-1)، وغيرها. وبالإضافة إلى ذلك، قامت قوات الدفاع الجوي السورية بتشغيل أكثر من 4000 مدفع مضاد للطائرات تتراوح عياراتها من 23 ملم إلى 100 ملم، بجانب شبكة الإنذار المبكر التي تضم أنظمة رادار مختلفة.

يُعَد نظام “بانتسير-إس 1″، الذي يُطلق عليه حلف شمال الأطلسي اسم “إس إيه 22” (SA -22)، نظامَ دفاعٍ جويًّا ذاتيَّ الحركة طورته روسيا، ويجمع بين صواريخ أرض-جو والمدفعية المضادة للطائرات، وهو مُصمَّم لحماية المنشآت والوحدات العسكرية من مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، ويوفر حلا دفاعيا متعدد الاستخدامات، ويمكن تحريكه ونقله بسهولة.

يشتمل النظام على 12 صاروخ أرض-جو بمدى يصل إلى 20 كم، ومدفعين آليين مزدوجين عيار 30 مم قادرين على إطلاق ما يصل إلى 5000 طلقة في الدقيقة، كما أن النظام مزود برادارات متطورة لالتقاط الأهداف وتتبعها بدقة، ويمكن للنظام اكتشاف الأهداف على مسافات تصل إلى 36 كم والاشتباك معها في نطاق 20 كم.

ويُركَّب هذا النظام على هياكل مختلفة، بما في ذلك المنصات ذات العجلات والمجنزرات، وتوفر قابليته العالية للتنقل قدرة واسعة على مرافقة القوات البرية في العمليات المختلفة وحماية الأصول الإستراتيجية. تجعل تلك المزايا من “بانتسير- إس1” مكونا فعالا للدفاع الجوي، يوفر حلا مرنا وفعالا ضد مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، ويضمن الجمع بين أنظمة الصواريخ والمدفعية، إلى جانب قدرات الرادار المتقدمة على توفير حماية جيدة للمنشآت العسكرية والإستراتيجية على السواء.

صورة للقصف الإسرائيلي على دمشق في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية)

وبخلاف هذه الأنظمة، وفَّر دخول القوات الروسية رسميا إلى المعركة بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة في 30 سبتمبر/أيلول 2015 المزيد من المزايا التسليحية، وهو ما حقق للنظام تفوقا نوعيا جعله يستعيد عشرات المدن والقرى والبلدات السورية التي سيطرت عليها المعارضة بين عامي 2011-2015، ومنها منظومات الدفاع جوي بعيدة المدى “إس-300” (S-300)، لكن يُعتقد أن موسكو سحبت أغلب هذه الأنظمة فيما بعد.

وبحلول عام 2023، تحدثت إيران علانية عن تطوير الدفاعات الجوية السورية لمساعدة دمشق في صد الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، قائلة إنها من المرجح أن تزود دمشق بالرادارات والصواريخ الدفاعية، مثل نظام “خرداد-15” الذي يحمل صواريخ “صياد 3” بمدى 180 كيلومترا، بُغية تحسين الدفاعات السورية في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية لأجوائها.

لا نعرف يقينا إن كانت سوريا قد تسلمت المنظومة أم لا، لكن العديد من الباحثين يفترضون أن رفع حجم ترسانة إسرائيل من طائرات “إف-16” خلال العامين الماضيين مرتبط بإعلان إيران تزويد قوات النظام السوري بنظام الدفاع الجوي “خرداد-15”. وتمنح طائرات “إف-16″، المجهزة بنظام دفاع إلكتروني، إسرائيل قدرات متقدمة لتحديد الأهداف الميدانية في جميع الظروف الجوية، والتحليق على ارتفاعات منخفضة وبالتالي تجنب الرادار الأرضي، ومهاجمة الأهداف الأرضية باستخدام صواريخ جو-أرض أو قنابل، لتدمير الأهداف جزئيا أو كليا.

تمتلك تلك المنظومة الدفاعية الكثير من السمات التي تجعلها تُمثِّل خطورة بالنسبة لإسرائيل، منها مدى الكشف، حيث تستطيع كشف الأهداف مثل المقاتلات والطائرات المسيّرة على بُعد يصل إلى 150 كيلومترا، وتتبعها على مسافة تصل إلى 120 كيلومترا، وبالنسبة للأهداف الشبحية (القادرة على التخفي)، يمكنها تتبعها على بُعد 85 كيلومترا والاشتباك معها وتدميرها على مسافة 45 كيلومترا.

كما تتمكن “خرداد-15” تحديدا من كشف وتتبع 6 أهداف في آنٍ واحد، والاشتباك مع 5 أهداف أخرى، وفي هذا السياق تتميز المنظومة بقدرتها على النشر والتشغيل في أقل من 5 دقائق، مما يمنحها مرونة عالية في الاستجابة للتهديدات الجوية المفاجئة.

استهداف البحرية

كانت البحرية السورية، التي تأسست عام 1950، تاريخيا أصغر فرع من القوات المسلحة السورية، رغم كونها مكلفة بمهمة كبيرة هي الدفاع عن سواحل سوريا، وتوفير عمق أمني للبلاد في شرق البحر الأبيض المتوسط. وعلى مدى العقود الماضية، ضم أسطولها سفنا مختلفة، معظمها من أصل سوفيتي، بما في ذلك الغواصات والفرقاطات وزوارق الصواريخ وزوارق الدوريات وسفن مكافحة الألغام والسفن الحربية البرمائية، لكن الكثير منها يظل متقادما إلى حدٍّ كبير. وتحتفظ البحرية أيضا بذراع جوي متواضع يضم طائرات هليكوبتر للدوريات البحرية ومهام البحث والإنقاذ.

أحد المكونات المهمة للأسطول السوري هي زوارق الصواريخ من فئتي “أوسا 1″ (Osa I) و”أوسا 2” (Osa II)، المسلحة بصواريخ مضادة للسفن، وفي عام 2006، عززت سوريا أسطولها بستة زوارق صواريخ إيرانية الصنع من طراز “طير” (Tir II) أو (IPS 18) قادرة على إطلاق صواريخ مضادة للسفن، وبالفعل أوضحت الصور الأولى التي صدرت بعد العملية الإسرائيلية استهدافا مباشرا لهذه الزوارق.

والزوارق الصاروخية من طراز “أوسا” عبارة عن مركبة هجومية سريعة سوفيتية الصنع، اشتهرت بسرعتها وقدرتها على المناورة وقوتها النارية، وكانت عنصرا مهما في الأساطيل البحرية للعديد من البلدان، بما في ذلك سوريا، التي دمجت هذه السفن في ترسانتها البحرية.

 

صورة جوية لآثار القصف الإسرائيلي على قطع بحرية سورية في ميناء اللاذقية (الفرنسية)

 

عادة ما يكون القارب أو الزورق مسلحا بأربعة صواريخ مضادة للسفن من طراز “بي-15 تيرميت” (P-15 Termit)، ويبلغ مدى الصواريخ نحو 40 كيلومترا، ويحمل رأسا حربيا شديد الانفجار، كما تحمل الزوارق مدفعين آليين عيار 30 ملم للقتال من مسافة قريبة، ويمكن لهذه الزوارق أن تجري بسرعة 74 كم/ساعة بمدى يبلغ نحو 800 ميل بحري حاملة 30 فردا على متن الزورق الواحد.

ويبدو أن إسرائيل حريصة ألا تصل أيٌّ من فصائل المعارضة إلى أنظمة أسلحة متطورة، بما في ذلك السفن البحرية المجهزة بصواريخ بحر-بحر، ومن هذا المنطلق يبدو، أن إسرائيل تتعامل مع النظام الجديد قيد التشكل في سوريا بطريقة تعاملها نفسها مع الفصائل الفلسطينية أو اللبنانية، راغبة في تحجيمه بوصفه قوة غير نظامية مجردة من الأسلحة الثقيلة، وتتسلح بالكاد بترسانة متوسطة من الأسلحة الخفيفة.

السلاح الكيماوي

وبشكل أكثر خصوصية، تخشى إسرائيل من ترسانات السلاح الكيماوي السورية، التي يمكن تحميلها على الصواريخ من كل الأشكال تقريبا، وحتى بواسطة الطائرات المقاتلة. وفي وقت سابق، نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تقريرا عن مخاوف إسرائيلية من إمكانية وصول الأسلحة الكيماوية التي يملكها النظام السوري السابق إلى أيدي فصائل المعارضة السورية المسلحة، ما قد يؤدي إلى تهديدات خطيرة لأمنها.

وذكر التقرير أن مصدر القلق الأساسي لدى إسرائيل هو أن النظام السوري يمتلك منظومة كيماوية كاملة، إضافة إلى أنظمة التوصيل اللازمة لإطلاقها. ونقل التقرير عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي أنه في حال حدوث هذا الأمر، “فسيتعين على إسرائيل تنفيذ عمليات استباقية، وهي عمليات قد تؤثر على سوريا والشرق الأوسط بأكمله”.

وبحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يُعرف السلاح الكيميائي بأنه أي مادة كيميائية سامة مُصمَّمة خصوصا لإحداث الوفاة أو غيرها من الأضرار، أو أي مادة أخرى يمكن أن تؤدي بتفاعل كيميائي إضافي إلى تلك المادة السامة، التي يمكن أن تُستخدم مباشرة، أو توضع في ذخائر عسكرية.

منذ عام 1971، تأسست أولى المحاولات السورية لامتلاك السلاح الكيميائي، حين أنشأ عبد الله واثق شهيد، الفيزيائي النووي والمستشار الأول للرئيس حافظ الأسد، مركز البحوث والدراسات العلمية لأغراض الأبحاث الكيميائية، وحقق المركز نجاحات مكّنته من إنتاج المواد الأولية المستخدمة في تصنيع غاز السارين، لكن النجاح الأكبر كان في تطوير غاز الأعصاب “في إكس” (VX)، إحدى أكثر المواد الكيميائية سُمّية.

يعمل “في إكس” عن طريق تثبيط “الأسيتيل كولين إستريز”، وهو إنزيم مسؤول عن تكسير ناقل عصبي ينقل الإشارات بين الخلايا العصبية والعضلات، ما يتسبب في تحفيز مستمر للعضلات والغدد والجهاز العصبي المركزي. يؤدي هذا التحفيز المفرط إلى ارتعاش العضلات وفشل الجهاز التنفسي، والوفاة ما لم يُعالَج خلال فترة قصيرة.

وإلى جانب ذلك تحتوي الترسانة السورية على غاز الخردل (خردل الكبريت)، الذي يسبب حروقا كيميائية شديدة في الجلد والعينين والجهاز التنفسي، إلى جانب عوامل الأعصاب مثل السارين (شديد السمية وسريع المفعول) الذي استُخدم في الهجوم الكيميائي على الغوطة عام 2013، وأدى إلى مقتل مئات المدنيين، والفوسجين الذي يسبب تلفا في الجهاز التنفسي وقد يكون مميتا.

وفي أغسطس/آب عام 2016، ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن الولايات المتحدة وأوروبا تعتقدان باحتمال احتفاظ الرئيس السوري السابق بشار الأسد ببعض أسلحته الكيميائية رغم أن نظامه ادّعى التخلص منها، وأوضحت المجلة أن تقريرا سريا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية كشف وجود عينات من أسلحة كيميائية مميتة داخل مختبرات سورية غير مُعلنة. وفي هذا السياق، أشارت شهادات المنشقين عن مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري إلى أن براميل الكلور كانت ولا تزال تُصنَّع محليا وفقا لتقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية في عام 2020.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانا في يوم إحياء ذكرى كل ضحايا الحرب الكيميائية، أشارت فيه إلى أن النظام السوري لا يزال يمتلك ترسانة من الأسلحة الكيميائية. وقد تعهدت المعارضة السورية عقب رحيل الأسد بأنها لن تستخدم أسلحة كيميائية تقع تحت حوزتها، لكن إسرائيل لم تكن لتغامر بوقوع هذا النوع الأسلحة بيد نظام لا يمكن التنبؤ بتوجهاته، وهو ما يضيف بُعدا جديدا لتفسير عمليتها العسكرية واسعة النطاق، وغير المسبوقة، في سوريا.

شاركها.
Exit mobile version