Login النشرة البريدية

أجرى الباروميتر العربي في دولة الكويت دراسة حديثة – تزامنًا مع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي – وقد شاركت فيها جامعتا برنستون، وهارفارد، ومركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت، ومركز السلام، وشملت 1210 من الكويتيين في المنازل من كلا الجنسين.

تتناول السطور التالية النتائج التي خرجت بها الدراسة التي ستنشر نتائجها على موقع: https://www.arabbarometer.org/ .

يعتبر مفهوم الإرهاب، وما يندرج تحته من أعمال، موضوعًا مثيرًا للجدل والخلاف، وذلك بسبب تنوّع وجهات النظر حول تعريفه وأسبابه وأهدافه، بين الكيانات والدول والمؤسَّسات الدولية، وحتى بين الباحثين، حيث يتأثر التعريف بالسياق السياسي والثقافي والتاريخي.

تباين كبير

وفي سياق الصراع العربي الإسرائيلي، تعتبر إسرائيل، ومِن ورائها حلفاؤها، أن ما تقوم به من أفعال مندرجٌ في خانة الدفاع عن النفس، أو ضمان الأمن، بينما تصنِّف المقاومة في خانة الإرهاب.

وقد عُرضت على المستجيبين قائمة من الإجراءات التي اتخذتها مختلف الجهات الفاعلة في حرب غزة، وطلب منهم تحديد ما يرونه منها “عملًا إرهابيًا.

وقد كشفت هذه الدراسة التي ساهمت في إعدادها مجموعة من المؤشرات، أنّ هناك تباينًا كبيرًا فيما يعتبره المستجيبون عملًا إرهابيًا، فقد جاء قصف إسرائيل لغزة الذي أدى إلى قتل المدنيين” في الصدارة بنسبة 35.5%، تلاه ” قطع إسرائيل الماء والكهرباء، وتدمير البنى الأساسية فيها” بنسبة 31.3%، ثم  “طلب إسرائيل مغادرة أكثر من مليون مدني في غزة، المدنَ الشمالية من القطاع” بنسبة 31.1%، واعتبر 28.8%، أنّ “الحصار الإسرائيلي على غزة منذ 2007” يأتي في نفس السياق.

بماذا يصف الكويتيون الأحداث في غزة؟

وعلى الصعيد ذاته، فإن هناك جدلًا وافتراقًا حول تعريف وتصنيف الأعمال العسكرية المتصلة بالصراع، ففي الوقت الذي يصف فيه الإعلام الإسرائيلي والغربي ما يجري بالحرب، فإن إعلام المقاومة والإعلام العربي يصفه بالعدوان، وتجلى هذا الجدل في التصريحات المتبادلة بين مختلف الفاعلين في الصراع، حيث طرحت اتهامات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، في مقابل تبريرات تتعلق بالدفاع عن النفس والأمن القومي.

لقد أظهرت الدراسة أن أغلبية ساحقة من الكويتيين، أظهرت التضامن مع غزة بطرق متنوعة، كانت أكثرها تفاعلًا مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل!

فمنذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أظهر الشعب الكويتي بمختلف شرائحه حالة بارزة من التضامن مع أهالي غزة، والتأكيد على أهمية الوقوف بجانب الأشقاء في محنتهم؛ حيث شهدت الكويت جهودًا مكثفة من قبل الأفراد والجمعيات الخيرية والمبادرات المجتمعية؛ لتقديم المساعدة والدعم لسكان غزة، سواء من خلال حملات التبرع، أو تنظيم الفعاليات التضامنية، أو توفير الإغاثة العاجلة، بما عكس عمق الروابط الإنسانية والأخوية بين الشعبَين: الكويتي، والفلسطيني.

وقد سئل المستجيبون عن الطريقة التي تضامنوا بها مع غزة، سواء كانت مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، أو المتابعة المستمرة لأخبار الحرب، والمشاركة في فعاليات تضامنية عامة وغيرها، حيث تبين من النتائج أن “مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل” أكثر طرق التضامن بنسبة كبيرة، وصلت إلى 83.6% لتحلّ بعدها “متابعة أخبار الحرب باستمرار” 64.8%، ثم التبرع النقدي لإغاثة قطاع غزة 62.6%، تلاه بث رسائل تضامنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي 44.1%، والمشاركة في فعاليات تضامنية عامة 21.5%.

نظرة تشاؤمية لحل الدولتين

وفيما يتعلق بنظرة الكويتيين إلى إمكانية تحقيق حل الدولتين، كانت الأغلبية متشائمة حول مدى التزام الإسرائيليين حكومة وشعبًا بحل الدولتين.

وأشار المؤشّر إلى أنه تم سؤال المستجيبين عن مدى اعتقادهم بأن الحكومة الإسرائيلية ملتزمة بحلّ الدولتين الذي يحفظ بالتساوي حقوق وأمن الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، حيث تبين أن 79.2% لا يعتقدون بذلك إطلاقًا، و8.0% يعتقدون إلى حد قليل، و1.0% إلى حد متوسط، و6.2% إلى حد كبير.

وفيما يتعلق بمدى الاعتقاد بأن الجمهور الإسرائيلي ملتزم بحل الدولتين بالصورة السابقة، فقد قال 72.9% إنهم لا يعتقدون بذلك إطلاقًا، 10.5% يعتقدون إلى حد قليل، 3.4% يعتقدون إلى حد متوسط، و7.2% إلى حد كبير.

تشير هذه النسب الكبيرة التي لا تعتقد بالتزام الحكومة والجمهور الإسرائيلي بحل الدولتين بين الكويتيين إلى تشاؤمهم العميق بشأن نوايا الجانب الإسرائيلي، ومدى جديته في تحقيق السلام الذي يعيد حقوق الفلسطينيين.

ففي عام 1993، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو مع إسرائيل، والذي اعترفت بموجبه بحق الأخيرة في الوجود ونبذ الكفاح المسلح ضدها، وأقيمت بموجب الاتفاق سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنذ ذلك الحين وإسرائيل تماطل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم كل صور التعاون التي أبدتها السلطة الفلسطينية، بل واتخذت من الإجراءات ما يجعل قيام هذه الدولة في حكم المستحيل.

موقف صريح

لقد كان الموقف الشعبي الفلسطيني واضحًا في تبني خيار مقاومة الاحتلال، وعدم الاعتراف بشرعيته، وتجلى ذلك في انتخابه حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006.

وعلى شاكلة السؤالين السابقين، تم سؤال المستجيبين كذلك عن مدى اعتقادهم بأن القيادة الفلسطينية ملتزمة بحل الدولتين، حيث كشفت نتائج المؤشر أن 30.9% لا يعتقدون بذلك إطلاقًا، و11.1% يعتقدون إلى حد قليل، و10.8% إلى حد متوسط، و38.1% إلى حد كبير.

في المقابل، عند السؤال عن مدى الاعتقاد بالتزام الجمهور الفلسطيني بحل الدولتين بالصورة السابقة، قال 25.3% إنهم لا يعتقدون بذلك إطلاقًا، و11.7% يعتقدون إلى حد قليل، و16.9% إلى حد متوسط، و37.8% إلى حد كبير.

تعكس هذه النتائج التي أظهرها الاستطلاع، انقسامًا واضحًا في الآراء حول مدى التزام كل من القيادة الفلسطينية والجمهور الفلسطيني بحل الدولتين.

وتبدو نتائج السؤالين الأخيرين متوافقة مع نتائج السؤالين المتعلقين بمدى التزام إسرائيل حكومة وشعبًا بحل الدولتين؛ حيث إن الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية، التي تعتبر الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والتي شملت الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى وقطاع غزة، وقضم أراضي الضفة الغربية والاستمرار في بناء المستوطنات وغيرها، قد قادت شريحة لا يستهان بها من الفلسطينيين إلى اليأس من إمكانية تحقيق حل الدولتين.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

شاركها.
Exit mobile version