كشف تحقيق أذاعته القناة الرابعة البريطانية عمّا وصف بـ”فضيحة المزايا الاجتماعية” في بريطانيا، مسلطا الضوء على استخدام أشخاص مصابين بأمراض مزمنة، يُطلق عليهم “المؤثرون المرضى”، لمنصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وتيك توك لتبادل النصائح حول كيفية الحصول على إعانات الإعاقة.
ووفقا للتحقيق، يقوم بعض هؤلاء المؤثرين بنشر نماذج إجابات يمكن للمتابعين استخدامها في تعبئة استماراتهم. كما يتم تبادل نصائح مماثلة على منصات أخرى مثل فيسبوك.
وتقدم مقاطع الفيديو التي حصدت ملايين المشاهدات إرشادات دقيقة حول معايير تسجيل النقاط في التقييم وأهمية استخدام الكلمات المفتاحية.
Rise of ‘sickfluencers’: How they tell out-of-work followers exactly what to say to maximise benefits in a broken system trapping those it’s meant to help: FRASER NELSON https://t.co/8tvITS6oBr pic.twitter.com/e15kw39xDk
— Daily Mail Online (@MailOnline) December 5, 2024
وسلط التحقيق الضوء على العديد من الحسابات على منصات مثل تيك توك ويوتيوب، التي يقدم أصحابها نصائح حول كيفية زيادة مدفوعات المرض والإعاقة، وجذبت هذه الحسابات ملايين المشاهدات. يأتي ذلك في ظل تسجيل أعداد غير مسبوقة من المستفيدين بسبب الأمراض طويلة الأمد.
وأشار التقرير إلى أن بعض المؤثرين في هذا المجال، الذين لم تُفصح عن أسمائهم، يتقاضون ما يصل إلى ألف جنيه إسترليني مقابل جلسة استشارية يقدمون خلالها نصائح “متخصصة” حول كيفية استغلال نظام المزايا. بالإضافة إلى ذلك، تُعرض نماذج طلبات مُعدة خصيصا “لتعزيز فرص النجاح” في الحصول على تعويضات، مع إرشادات لتجنب الإجابة عن الأسئلة “المربكة” خلال المقابلات مع السلطات.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، ارتفع عدد الموافقات على إعانات المرض من أكثر من ألف حالة يوميا قبل جائحة كوفيد-19 إلى أكثر من 3 آلاف حالة يوم عمل بحلول مارس/آذار. كما شهدت طلبات إعانة الإعاقة ارتفاعا كبيرا، حيث بلغ عدد الطلبات 3.3 ملايين عام 2023، بزيادة مليون طلب مقارنة بعام 2019.
ومن المتوقع أن تصل تكلفة إعانات المرض في بريطانيا إلى 100 مليار جنيه إسترليني قبل نهاية العقد، وهو مبلغ يتجاوز إجمالي ميزانيات المدارس والشرطة والمحاكم مجتمعة.
تقديم قوالب
تقدم هذه الاستشارات عبر الإنترنت نماذج جاهزة للمطالبات وإرشادات تفصيلية حول كيفية التعامل مع تقييمات المزايا، حيث يفخر بعض مقدميها بمعدلات نجاحهم في مساعدة المتابعين على الحصول على المدفوعات.
وقد أثارت هذه الممارسات نقاشا واسعا حول سهولة الوصول إلى نظام المزايا واحتمالية إساءة استخدامه.
وشهدت الموافقات على طلبات المزايا زيادة ملحوظة، حيث ارتفع العدد من حوالي ألف حالة يوميا قبل الجائحة إلى أكثر من 3 آلاف موافقة يومية خلال مارس/آذار.
وتواجه وزارة العمل والمعاشات التقاعدية تحديات غير مسبوقة مع توقعات بوصول عدد المطالبين إلى أكثر من 4 ملايين بحلول نهاية الدورة البرلمانية.
من جهة أخرى، تواصل منظمة دعم الأشخاص في المملكة المتحدة، التي تضم 18.6 ألف متابع، نشر رسائلها، حيث تقول: “نحن نكشف ما لا يريدونك أن تعرفه”، مع مشاركة قصص نجاح من متابعين استخدموا نصائحها بفعالية.
مخاوف الوزارة
وأعرب مقيمون سابقون لدى وزارة العمل والمعاشات عن قلقهم الشديد إزاء نظام المزايا، محذرين من إمكانية إساءة استخدامه.
وقالت سارة، وهي ممرضة تعمل مقيمة سابقة، في تصريح لقناة 4: “بينما كانت بعض المطالبات حقيقية، شعرنا أن هناك من يقدم ادعاءات كاذبة، لكننا كنا عاجزين عن اتخاذ أي إجراء.” وأضافت: “إذا ذكر شخص ما أنه يفكر في الانتحار يوميا، فإنه يُصنف فورا ضمن الفئة ذات الأولوية القصوى”.
أما مايكل هيوستن، وهو مقيم سابق آخر، فكشف أن الموظفين كانوا يتلقون 80 جنيها إسترلينيا لكل حالة يُنجزونها، مع إمكانية الحصول على مكافأة تصل إلى 400 جنيه إسترليني عند تجاوز الأهداف اليومية بمعالجة 5 تقييمات إضافية.
وأوضح طبيب عام سابق يعمل مقيما: “ما يفاجئني هو العدد القليل جدا من الحالات التي تنطوي على مرض حقيقي يمنع الشخص من العمل. معظم المطالبات تتعلق بالتوتر أو القلق. لكن رأيي كطبيب لا يتم الاعتماد عليه في هذا النظام؛ كل شيء يعتمد على النقاط وعوامل المخاطر التي يبدو أن المطالبين على دراية بها مسبقا”.
تحذير
في المقابل، أكدت باربي أدفوكيتس، وهي ناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة على تيك توك: “لم ولن أشجع أبدا أي شخص على استغلال النظام. أعتقد بشدة أن الموارد المحدودة يجب أن تُخصص لدعم الأشخاص الذين يعانون من إعاقات حقيقية”.
لكن هذه النصيحة لاقت انتقادات من شانيل آشلي، وهي ممرضة تقييم، حيث قالت: “إرشاد الناس لما يجب أن يقولوه للحصول على نقاط أعلى هو أمر غير أخلاقي. ينبغي على الجميع الإفصاح بصدق عن أوضاعهم الحقيقية”.