Login النشرة البريدية

بيجين– لأول مرة في تاريخ النقل البري بين الصين وباكستان، يتم الإعلان عن إبقاء معبر طريق خونجراب الحدودي الوحيد بين البلدين مفتوحا طوال العام، والذي كان يتوقف خلال فصل الشتاء بسبب برودة الطقس وهطول الثلوج.

لكن مع دخول المنطقة فصل الشتاء هذا العام، ستكون أول تجربة عملية لإبقاء المعبر مفتوحا ودائم العمل لعبور المواطنين وشاحنات البضائع، وليس موسميا كما كان في الفترة ما بين بداية شهر أبريل/نيسان وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.

ويعد “خونجراب” أكثر من معبر حدودي بين بلدين، فهو بوابة مهمة من غرب الصين وجنوب آسيا ووسطها، وبحر العرب وما وراءه.

درجة الحرارة بمنطقة المعبر في فصل الشتاء تصل إلى 40 درجة تحت الصفر (موقع السلام الصيني)

نقطة ارتكاز

يقع المعبر الحدودي من جانب الصين في منطقة “إقليم شينغيانغ” الإيغورية ذاتية الحكم، التي تقطنها نحو 60% من الأقليات وغالبيتها مسلمة، ويتبع الإقليم -الأكبر مساحة في الصين- إداريا لمقاطعة طاشقورغان الطاجيكية منذ عام 1954، وهي مقاطعة ذاتية الحكم أيضا وتقطنها أغلبية طاجيكية بنسبة تتجاوز 80% حسب بعض الإحصاءات.

كانت مقاطعة طاشقورغان تسمى في الماضي باسم “تاج قورغان”، وهي مقاطعة فرعية تابعة إداريا لمدينة “قاشغر” المعروفة كأحد مدن طريق الحرير في آسيا الوسطى منذ نحو ألفي عام، ويقع في هذه المقاطعة معبر “خُنجراب”، وهو النقطة الإستراتيجية الأهم في الممر الذي يربط غرب الصين بأقصى شمال باكستان وبحر العرب.

ومنذ بداية شهر أبريل/نيسان من هذا العام، سجلت الجمارك في المعبر تزايدا في عدد المواطنين الذين عبروا الحدود بين البلدين، متجاوزا 50 ألف شخص.

ومع نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي -أي خلال 7 أشهر- تم تسجيل عبور أكثر من 11 ألف سيارة وشاحنة نقلت 40 ألفا و900 طن من البضائع، بزيادة نسبتها 42.6% بالنسبة لعبور العربات، و72.7% بالنسبة للبضائع، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب ما نقلته وكالة “شينخوا” الصينية ووكالة “أسوشيتد بريس باكستان”.

وتستورد الصين من خلال هذا المعبر أقمشة ومنتجات زراعية واستهلاكية، كما تقوم بدورها بتصدير منتجات زراعية وغيرها.

وتجاوز حجم الحركة التجارية بين البلدين من خلال هذا المعبر بين عامي 2016 و 2020 أكثر من 200 ألف طن، حسب أرقام جمارك خونجراب.

وتعتبر الصين ممر خونجراب نقطة ارتكاز إستراتيجية في خطتها المعروفة بـ”مبادرة الحزام والطريق”، وجاء قرار تشغيله طوال العام دون توقف -رغم صعوبة ذلك مناخيا- بناء على اتفاق بين بكين وإسلام آباد، تم العام الماضي خلال منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي.

ورحب رجال أعمال وتجار صينيون وباكستانيون بهذا القرار، ورأوا فيه تسهيلا لاستمرار حركة البضائع بين سوقي البلدين طوال العام، وتعزيزا للعلاقات التجارية والثقافية بين باكستان والصين.

معبر خُونجراب يعد نقطة إستراتيجية ووحيدة تربط بين الصين وباكستان (موقع السلام الصيني)

مشروع طموح

تعد نقطة خنجراب الحدودية بداية الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي بدأت حركة شحن البضائع فيه عام 2016، ويشمل طرقا برية عدة ابتداء بمقاطعة “غِلغيت-بلتستان” في أقصى الشمال الباكستاني، ويصل جنوبا نحو ميناء غوادر على بحر العرب في إقليم بلوشستان.

ورغم عدم اكتمال جميع مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، منذ الإعلان عنه قبل 11 عاما، إلا أنه يمكن تسيير البضائع بين خونجراب وغوادر عبر طريق “كاراكورام” القائم حاليا.

ويستلزم إتمام المشروع استثمارات تتراوح تقديراتها بين 53 و 64 مليار دولار أميركي، بما في ذلك الطريق البري النموذجي الذي تسعى بكين إلى إكمال تعبيده وتفريعاته بطول 3000 كيلومترا، مرورا بكبرى مدن باكستان.

وتشمل الخطة الطموحة للصين إنشاء سكك حديد، ومدن صناعية، ومحطات توليد طاقة، وخطوط أنابيب نفط وغاز، حيث تسعى لجعله ممرا بديلا للطاقة من المنطقة العربية نحو الصين، والتقليل من الاعتماد على النقل البحري عبر مضيق “ملاقا” في جنوب شرق آسيا.

كما أن الطريق البحري الحالي بين الصين والمنطقة العربية يستلزم إبحار السفن لنحو 12 ألف كيلومتر، مرورا ببحر جنوب الصين الذي يعد نقطة ساخنة تشهد توترا بين الحين والآخر، بين الصين من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين من جهة أخرى.

يشار إلى أن العاملين الصينيين في هذا المشروع تعرضوا لهجمات مسلحة، مما طرح تساؤلات عن الجهات التي لا تريد لهذا المشروع أن يتم، بالمقابل دفع هذا التهديد الصين إلى تجديد مشاركتها في تدريبات أمنية مشتركة مع باكستان لـ “مكافحة الإرهاب”، ابتداء من 20 نوفمبر/تشرين الأول الماضي، حتى منتصف الشهر الجاري.

وتعد هذه التدريبات الثامنة من نوعها في الجانب الدفاعي بين البلدين، حسب ما أعلن بيان وزارة الدفاع الصينية، وهو ما يؤكد الأهمية التي توليها الصين لمشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.

شاركها.
Exit mobile version