Login النشرة البريدية

بعد أن جعل التسوق الإلكتروني عمليات الشراء أسهل من أي وقت مضى وأصبح الناس يشترون أي شيء وقتما يشاؤون، قبل أن “يبدأ الشعور بالندم في التسلل إليهم ويصبح شائعا للغاية”، كما تقول خبيرة العافية المالية جاكلين هوارد لصحيفة “هاف بوست” الأميركية.

وأشارت إلى استطلاع أجرته الشركة التي تديرها قال فيه أكثر من ثلث المتسوقين “إنهم من المحتمل أن يقوموا بالشراء الاندفاعي ليشعروا بالتحسن تجاه أنفسهم”، وقال نصفهم “إنهم يشعرون بالسعادة بعد القيام بذلك”.

حتى أن الجيل “زد” -الذين ولدوا في أواخر التسعينيات، وتحديدا بدءا من عام 1997- لم يعرفوا العالم بدون الإنترنت، ووصفهم بحث أجرته جامعة ستانفورد بأنهم غالبا “واقعيون، يعتمدون على أنفسهم”.

التسوق البطيء يقلل تأثير العوامل الرئيسية للإنفاق العاطفي (بيكسابي)

ووجد استطلاع أجري عام 2022 أن ما يقارب ربع مستهلكي هذا الجيل في الولايات المتحدة قالوا “إن كثرة الإعجابات أو التعليقات الإيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي قد تدفعهم إلى إجراء عملية شراء إلكترونية”.

وفي دراسة استقصائية أجريت في العام نفسه أعرب 9 من كل 10 مستهلكين من الجيل “زد” أيضا عن اهتمامهم بالتسوق من الواقع الافتراضي، واشترى أكثر من 70% منهم من شركات العلامات التجارية عبر الإنترنت.

لذا، اهتم بعض الخبراء بمكافحة هذا الإغراء الاستهلاكي السام عبر مقاربة مختلفة تسمى “التسوق البطيء”.

زحف نمط الحياة

قد يؤدي التقدم في الحياة وارتفاع الدخل إلى “الميل لإنفاق المزيد من الأموال في شراء أشياء لم يتم الحصول عليها في الماضي”، ربما للنظر إليها حينذاك باعتبارها “رفاهية غير ضرورية”، وهي ظاهرة تعرف باسم “زحف نمط الحياة” شهدت ازديادا على وسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة جعلت هذا النوع من الإنفاق يخرج عن السيطرة “عندما يرى المستهلكون ما يشتريه أقرانهم، فيسارعون إلى اقتنائه باعتباره شيئا أساسيا وليس اختياريا”.

"التسوق البطيء" سبيلك لمكافحة إغراء الشراء السهل عبر الإنترنت
من المحتمل أن يقوم ثلث المتسوقين بالشراء الاندفاعي ليشعروا بالتحسن تجاه أنفسهم (بيكسابي)

وقد وجدت دراسة استقصائية حديثة نشرت في مارس/آذار 2024 أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على قرارات الشراء لدى 8 من كل 10 مشاركين، وأن المستهلكين ينفقون المزيد من المال على منتجات الوسائط الاجتماعية الرائجة لمجرد الشعور بالمتعة والراحة، حتى أن 51% من المشاركين قالوا إنهم “يتجاهلون عمدا” تفاصيل مهمة تتعلق بأوضاعهم المالية، مثل ديون بطاقات الائتمان أو رصيد الحساب المصرفي، ليس هذا فحسب، فقد اعترف 62% من المستهلكين من الجيل “زد” بإنفاق أموال غير ضرورية “لمجرد مواكبة الاتجاهات الرائجة على الإنترنت”، وقال 79% من المشاركين إن وسائل التواصل الاجتماعي تدفعهم إلى مشتريات “يندمون عليها”.

وهنا يأتي دور التسوق البطيء “للمساعدة في كسر عادة الإنفاق على الشراء الاندفاعي السيئة بدعوى زحف نمط الحياة”، كما تقول أندريا وروتش الخبيرة في توفير المال وحماية المستهلكين.

المقصود بالتسوق البطيء

تقول وروتش “إن التسوق البطيء هو سلوك مالي يدفع الناس لأن يكونوا أكثر تمهلا في إنفاقهم وشرائهم وأكثر إدراكا لما يشترونه ولماذا يشترونه ومقدار ما ينفقونه على عملية الشراء”.

وتضيف أنه “بدلا من الاندفاع لشراء شيء ما بمجرد الترويج له أو الرغبة في اقتنائه” يشجعنا التسوق البطيء على التفكير من أجل اتخاذ أفضل قرار شراء يناسب ميزانيتنا “من خلال تقييم ما نشتريه ومدى احتياجنا له وما إذا كان يستحق الثمن المدفوع فيه”.

فالتركيز هنا على “الجودة والكمية والتسوق بوعي”، على عكس الشراء السهل “الذي تحركه دوافع عاطفية” كما تقول مدربة التعليم المالي المعتمدة بولا سوكونبي التي توضح أن التسوق البطيء يتطلب إجراء عمليات شراء مدروسة تعتمد على أخذ الوقت الكافي لتحديد سبب الشراء ومقاومة عمليات الشراء الاندفاعية أو المتسرعة “لتوفير المزيد من المال بدلا من الشعور بالأسف”.

7 فوائد للتسوق البطيء

يقول برايان شتاينر -وهو مدير تنفيذي لإحدى شركات التخطيط المالي والتأمين على الحياة- إن التسوق البطيء “طريقة جيدة لتقييم أموالك وعدم تجاوز ميزانيتك بحجج مثل زحف نمط الحياة، أو الضغط المجتمعي، وجعلك تفكر فيما يمكنك تحمل تكاليفه، وليس فقط ما تريد الحصول في الوقت الحالي”، وهو ما تؤكده هذه الفوائد التي عددها الخبراء لهذا النمط من الشراء والإنفاق.

التسوق البطيء يمنحك وقتا للشراء ومقارنة الأسعار والعثور على كوبونات للتخفيضات (بيكسابي)
  • التسوق البطيء يعلمك أن “تسأل نفسك” قبل أن تصل إلى مرحلة الدفع: لماذا أنفق المال على هذا الشيء بالتحديد؟ وهو السؤال الذي يمنحك الوقت “للتفكير بعناية ومراجعة دافعك للشراء قبل إنفاق المال، ويعودك مع الوقت على “دمج اليقظة الذهنية في روتينك اليومي”.

فقد أشارت دراسة نشرت عام 2023 أن “الأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضبط النفس يكونون غير قادرين على مقاومة إغراء الشراء”، وفي المقابل، وجد الباحثون أن “اليقظة الذهنية والتعاطف مع الذات يزيدان القدرة على ضبط النفس وتقليل الشراء الاندفاعي”.

  • التسوق البطيء يقلل تأثير العوامل الرئيسية للإنفاق العاطفي، وهي “الشعور المفرط بالسعادة، أو الملل، أو الاكتئاب”، وفقا لدراسة نشرت عام 2023 وأظهرت أن 24% من الأميركيين يتسم إنفاقهم بدوافع عاطفية تجعل تصرفاتهم المالية خارجة عن السيطرة لدرجة قد تؤدي إلى زيادة ديون الكثيرين منهم”.
  • يمكن للتسوق البطيء أن يمنحك وقتا للشراء ومقارنة الأسعار والعثور على كوبونات للتخفيضات “لتفادي عمليات الشراء الاندفاعية التي تحركها العواطف أو الخوف من فقدان الفرصة”.
  • يمكن أن يساعدك التسوق البطيء في “اختيار وقت الشراء الذي تحصل فيه على أفضل الصفقات”، خاصة إذا كنت تعرف كيف تستعد لمواسم المبيعات مسبقا “بتدوين ما تحتاجه فعلا، ومقدار ما يمكنك إنفاقه، ومعرفة من أين تتسوق”.
  • مساعدة التسوق البطيء لك في ترقب الخصومات الكبيرة على البضائع الموسمية سوف تؤدي إلى “توفير ملموس في نفقاتك المالية بدلا من تحميلها على بطاقة الائتمان والتسبب في زيادة الديون”.
“التسوق البطيء” يساعد في ترقب الخصومات الكبيرة على البضائع الموسمية (بيكسابي)
  • أيضا، يمكن أن يمنحك التسوق البطيء مزيدا من الوقت لتوفير المال أو رفع نقاط بطاقة الائتمان والاستفادة منها في شراء الأساسيات كي لا تدفع فيها كثيرا فيما بعد.
  • في النهاية يساعد التسوق البطيء في “تعزيز عادات الإنفاق الواعي الذي يجعلك أكثر سعادة بدلا من الاندفاع نحو الإشباع الفوري والندم”، على حد قول جاكلين هوارد التي تؤكد أن تحرير نفسك من دوامة إغراء وسائل التواصل الاجتماعي الضارة والتوقف عن عمليات الشراء غير الضرورية هو “إحدى الفوائد الصحية العقلية لهذا النمط من التسوق الذي يقلل الإنفاق والقلق المالي” عندما تجد نفسك “أكثر إدراكا لكيفية استخدام المال الذي حصلت عليه بشق الأنفس”.
شاركها.
Exit mobile version