Login النشرة البريدية

منذ بداياته الفنية في التسعينيات، لم تكن مسيرة الممثل الهندي أكشاي كومار تُبشّر بأنه سيصبح أحد أعمدة بوليود ومن أكثر الممثلين جماهيرية على مستوى العالم.

فقد كانت انطلاقته تقتصر على أدوار الأكشن فقط، إذ عُرف كبطل لسلسلة أفلام “خيلادي”، التي رغم نجاحها النسبي، لم تتمكن من تحقيق شهرة تضاهي ما حظي به نجوم جيله مثل شاروخان وسلمان خان، اللذين هيمنا سريعًا على المشهد السينمائي في ذلك الوقت.

لكن أكشاي كومار أثبت أن المثابرة والابتكار هما مفتاح النجاح. وبفضل إستراتيجيته الفريدة في اختيار أدواره وتطوير مسيرته، تمكن من تحقيق مكانة بارزة، ليس فقط في بوليود، بل في صناعة السينما العالمية.

ووصل به الحال إلى أن يُصنَّف بين أكثر الممثلين أجرًا في الهند، حيث يتراوح أجره عن الفيلم الواحد بين 7 و17 مليون دولار أميركي.

تحديات إثبات الذات

في بداية مشواره، كانت معظم أفلام كومار تُصنف ضمن فئة الأكشن، مما حدَّ من تنوع جمهوره. إلا أن هذا التوجه بدأ يتغير مع مطلع الألفية الجديدة، عندما قرر الابتعاد عن النمطية والخروج من عباءة البطل المقاتل.

أتاح له هذا القرار فرصة لاستعراض موهبته في مجالات أخرى مثل الكوميديا، والدراما الاجتماعية، والرومانسية، وحتى أفلام الإثارة.

برز كومار في هذه المرحلة من خلال أفلام مثل “لعبة الاحتيال” (Hera Pheri) الذي اعتُبر نقطة تحول في مسيرته، حيث أظهر موهبته الكوميدية إلى جانب باريش راوال وسونييل شيتي.

تلت ذلك أفلام ناجحة أخرى مثل “مرحبا” (Welcome)، الذي جمع بين الكوميديا والرومانسية، و”غارام ماسالا” (Garam Masala)، الذي لاقى استحسانًا جماهيريًّا واسعًا. هذا التحول أكسبه شعبية جديدة بين مختلف الفئات العمرية داخل الهند وخارجها.

إنتاجية غزيرة ونجاح متجدد

على عكس ما هو متعارف عليه في صناعة السينما، حيث يُنصح النجوم بتقديم عدد محدود من الأفلام سنويًّا للحفاظ على جاذبيتهم، اختار أكشاي كومار السير في طريق مغاير، فمنذ سنواته الأولى، اعتاد كومار تقديم ما بين 4 إلى 5 أفلام سنويًّا، وهو أمر نادر في بوليود.

وفي بعض السنوات، شارك كومار في ما يصل إلى 8 أفلام دفعة واحدة، كما حدث مؤخرًا في عام 2024، حيث لاقت أفلام مثل “ستراي 2″ (Stree 2) و”سارفيرا” (Sarfira) نجاحًا تجاريًّا كبيرًا.

ويرجع جزء من غزارته الإنتاجية إلى امتلاكه شركة “هاري أوم إنترتينمنت”، التي تُعد واحدة من أبرز شركات الإنتاج السينمائي في الهند.

تُظهر هذه الغزارة الإنتاجية قدرة كومار على الحفاظ على تنوع أدواره، ما يجعل كل فيلم له تجربة مختلفة لجمهوره. هذه الإستراتيجية جعلته حاضرا دائما على الساحة السينمائية، ومكّنته من البقاء في دائرة المنافسة مع الأجيال الجديدة من الممثلين.

نجم الشعب وسينما العائلة

يمتاز أكشاي كومار بقدرته على جذب جميع أفراد العائلة إلى دور السينما، وهو أمر نادر في بوليود، حيث تميل العديد من الأفلام إلى تقديم موضوعات أو مشاهد جريئة، بينما حرص كومار على التركيز على القيم الأسرية والاجتماعية، مع تقديم أفلام تناسب جميع الأعمار.

على سبيل المثال، في أفلام مثل “بادمان” (Padman) و”تواليت: قصة حب” (Toilet: Ek Prem Katha)، ناقش كومار قضايا اجتماعية تهم المواطن الهندي العادي، ما جعل أعماله ذات صدى واسع بين المشاهدين. هذه الأفلام تحولت إلى أيقونات سينمائية تُعرض غالبًا خلال فترات الإجازات والعطلات.

مسيرة ثرية بلا فضائح

بعيدًا عن الشاشة، نجح كومار في الحفاظ على صورة نجم محترم ومنضبط. وابتعد عن الفضائح والمشاكل الشخصية التي قد تضر بسمعته، وركز على بناء علاقة وطيدة مع عائلته الصغيرة، المكونة من زوجته الممثلة المعتزلة توينكل خانا وطفليه أراج ونيتارا.

ومع ذلك، لم يكن كومار بمنأى عن الجدل، ففي عام 2019، تعرض لانتقادات بسبب مقابلة تلفزيونية أجراها مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث اعتبرها البعض دعمًا سياسيًّا واضحًا. لكن بفضل العلاقة القوية التي بناها مع جمهوره، لم تؤثر هذه الانتقادات على شعبيته أو نجاحه المهني.

سر الاستمرارية

لا يخفى على أحد أن التزام أكشاي كومار وأسلوب حياته الصحي من أهم أسباب نجاحه، إذ يبدأ يومه في ساعات الصباح الباكر، ويحرص على البقاء نشطا ولياقته البدنية في أفضل حال. كما أنه معروف بانتظامه واحترامه لمواعيده، وهو ما جعله قدوة للكثيرين داخل الوسط الفني وخارجه.

علاوة على ذلك، يتمتع كومار بقدرة فريدة على قراءة متطلبات السوق السينمائي والجمهور، ما يجعله دائما مستعدا للمخاطرة وتجربة أفكار جديدة.

أيقونة بوليودية عالمية

قصة نجاح أكشاي كومار ليست مجرد حكاية نجم استطاع التربع على عرش بوليود، بل هي شهادة على أهمية العمل الجاد، والتنوع، والقدرة على التطور المستمر. نجح كومار في تجاوز العقبات وبناء مسيرة استثنائية تمتد لأكثر من 3 عقود، ولا يزال يحظى بشعبية عالمية تزداد يومًا بعد يوم.

شاركها.
Exit mobile version