قال الباحث التونسي هيثم القاسمي إن القمع الذي يمارسه الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية، يؤكد توجه النظام نحو العودة إلى الدكتاتورية في تونس.
وأوضح الخبير -في مقال بصحيفة لوموند- أن سجن ما لا يقل عن ثمانية متنافسين في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل يمثل نقطة تحول خطيرة، حيث أصبح مجرد ممارسة الحريات الديمقراطية والمشاركة في العملية الانتخابية عملا محفوفا بالمخاطر، ويعاقب عليه بالسجن.
واتسمت العودة إلى الدكتاتورية في ظل نظام الرئيس الحالي -كما يقول الباحث- بالقمع البوليسي ضد المعارضين والناشطين السياسيين والاعتقال التعسفي لشخصيات معارضة مهمة بسبب اتهامات لا أساس لها من الصحة “بالتآمر” على الدولة.
وبالفعل يتعرض الصحفيون والمحامون وأعضاء المنظمات غير الحكومية في تونس إلى تكميم الأفواه والتهديد بالاعتقال وحملات التشهير العنيفة بعد أن كانوا رموزا للروح الثورية لعام 2011، مما يؤدي إلى إسكات أي صوت منتقد وعودة الرقابة الذاتية خوفا من المضايقات والاعتقالات التعسفية.
وقد خلقت السلطات مناخا من الخوف في جميع أنحاء البلاد -حسب الكاتب- باعتماد القوانين المقيدة والإجراءات القانونية المسيئة مع زيادة المراقبة والترهيب المنتظم، مما يقلل من احتمال إجراء انتخابات حرة ونزيهة، حسب منظمة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش.
وقد أصبح الخوف من العودة العنيفة إلى نظام استبدادي شبيه بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي حقيقيا، حسب الكاتب، لأن أوجه التشابه بين الرئيسين تتضح بشكل متزايد للعديد من التونسيين والمراقبين الدوليين، وذلك من حيث تركيز السلطة في يد الرئيس، والإجراءات القمعية ضد المعارضة، والهجمات على حرية الصحافة.
وذكّر الخبير بالخطوات التي اتبعها قيس سعيد لتعزيز قبضته على البلاد كحل البرلمان والحكم بالمراسيم ثم حل المجلس الأعلى للقضاء، قبل إجراء استفتاء مثير للجدل على دستور جديد يمنح الرئيس صلاحيات غير محدودة تقريبا.
وخلص الكاتب إلى أن نظام قيس سعيد الاستبدادي -حسب وصفه- في حالة حرب مع جميع المكونات الحية في المشهد السياسي التونسي، وقال إنه يشوه جميع أشكال المشاركة السياسية من خلال التعامل مع الأحزاب السياسية والاتحاد العام التونسي للشغل والمجتمع المدني ووسائل الإعلام على أنها غير كفؤة وفاسدة.
ومع أن قيس سعيد يؤكد أن هذه مجرد إجراءات مؤقتة لتحقيق الاستقرار في البلاد، فقد رأى الكاتب أن دعم الأجهزة الأمنية وصمت المؤسسة العسكرية في مواجهة وحشية الحياة السياسية والاجتماعية قد أضفيا الشرعية على العودة إلى الدكتاتورية العنيفة.
وأكد الخبير أن الأدلة على العودة إلى النظام القمعي تتراكم، وأنه يتعين على المجتمع الدولي أن يتحرك قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل لمواجهة هذه العودة إلى الدكتاتورية.