واشنطن- بينما تتجه أنظار ملايين الأميركيين إلى كامالا هاريس ودونالد ترامب في سباقهما الرئاسي ممثلين للحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري، تدور معركة موازية لا تقل ضراوة بين كبار المشاهير في هذا البلد، الذين ينظر إليهم الملايين داخل أميركا وخارجها على أنهم قدوة ورموز للنجاح والتفوق وجني الثروة.
واختار إيلون ماسك، الرجل الأغنى في العالم بثروة تقدر حاليا بـ264 مليار دولار، دعم ترامب والوقوف معه، في حين دعمت تايلور سويفت، نجمة البوب الأشهر في عالم اليوم ويتابعها ما يقرب من 600 مليون شخص بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي، سعي كامالا هاريس لتصبح أول رئيسة لأميركا.
وفي هذه الأثناء، أجرى باحثون في جامعة ماريلاند دراسة قدّرت أن تأييد الإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري لباراك أوباما أكسبه مليون صوت إضافي في انتخابات 2008. ويرجع ذلك جزئيا إلى هيمنة أوبرا على شاشة التلفزيون في ذلك الوقت.
ولم يعد يمتلك أحد احتكار الشهرة والتأثير مع تعدد وسائل التواصل الاجتماعي حاليا، إلا أن هناك العديد من المؤثرين الأقوياء قد يقومون بأدوار مهمة، وعلى رأسهم ماسك وسويفت.
ووسط حالة الاستقطاب الشديدة التي تعرفها الولايات المتحدة خلال هذه الدورة الانتخابية، واقتراب نتائج الاستطلاعات بشدة بين المرشحين، يلعب المستقلون، ومن لم يحدد رأيه بعد، دورا رئيسا في تحديد هوية ساكن البيت الأبيض القادم.
من هنا يأمل كل من ترامب وهاريس أن يدفع دعم المشاهير لهما إلى التأثير على بعض الناخبين هنا وهناك، بما يرجح كفتهم في السباق الرئاسي. وقد ينتهي الأمر بدعم المشاهير إلى لعب دور حاسم في الانتخابات التي من المرجح أن يحسم نتيجتها بضعة آلاف من الناخبين في حفنة صغيرة من الولايات المتأرجحة.
المنخرط
بعد دقائق من محاولة اغتيال ترامب الأولى يوم 13 يوليو/تموز الماضي، أعلن إيلون ماسك تأييده لترامب في تغريدة على منصة “إكس” حيث يتابعه نحو 199 مليون شخص، وقال فيها “أؤيد تماما الرئيس ترامب وآمل شفاءه السريع”. وشاهد التغريدة 220 مليون شخص، وحصدت 2.3 مليون إعجاب.
ويذكر أن إعادة تفعيل حساب ترامب على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، الذي جُمّد عقب اقتحام أنصاره الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، كانت أولى خطوات ماسك عقب شرائه هذه المنصة في أبريل/نيسان 2022.
وأطلق ماسك “لجنة عمل سياسي” لجمع تبرعات للمرشح ترامب، وتعهّد بضخ 45 مليون دولار شهريا لدعم حملته. وأطلق كذلك موقعا إلكترونيا قبل أيام لحشد الأصوات لدعم ترامب من خلال عمليات الطرق على الأبواب، والتواصل الشخصي مع الناخبين المستقلين والمترددين في الولايات السبع المتأرجحة.
بعد غضب متابعيه مما اعتبروه تصريحًا “غير مسؤول”.. الملياردير #إيلون_ماسك يحذف تدوينة نشرها بعد حادثة محاولة اغتيال المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية دونالد #ترامب قال فيها “لا أحد يحاول اغتيال بايدن أو كامالا” pic.twitter.com/3Zhggu8YiE
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 16, 2024
ويهاجم ماسك عن طريق حسابه في منصة “إكس” الديمقراطيين وطريقة إدارتهم للبلاد وللولايات الديمقراطية، وعلى رأسها ولاية كاليفورنيا مسقط رأسه.
والأمر الأكثر خطورة هو أن ماسك روّج للكذبة القائلة إن “النظام الانتخابي الأميركي مملوء بالغش والتزوير، وإنه يُسمح لغير الأميركيين بالتصويت”. وقد جذبت تغريداته على موقع “إكس” نحو 700 مليون مشاهدة، وفقا لتحليل نشرته صحيفة واشنطن بوست.
أما صحيفة وول ستريت جورنال فذكرت أن ماسك وترامب كانا يتحدثان كثيرا في الأشهر الأخيرة وطوّرا علاقة ودية، وأن ماسك كان يساعد في تنظيم مشروع قائم على البيانات لمنع تزوير الناخبين تم إطلاع ترامب عليه. وقال التقرير إن الرجلين ناقشا أيضا دورا استشاريا محتملا لماسك في إدارة ترامب الثانية المحتملة.
ويقترح ترامب أن يقود ماسك لجنة لمراجعة النفقات الفدرالية، وهي فكرة طرحها ماسك على ترامب في وقت سابق من هذا العام.
الداعمة
بعد دقائق من انتهاء المناظرة الرئاسية بين هاريس وترامب، أخبرت تايلور سويفت متابعيها على منصة “إنستغرام”، البالغ عددهم 284 مليونا، أنها ستصوّت لهاريس “لأنها تقاتل من أجل الحقوق والقضايا التي أعتقد أنها بحاجة إلى محارب للدفاع عنها”.
وحصدت كلمات سويفت 11.2 مليون إعجاب، وكاد هذا الخبر أن يطغى على أخبار المناظرة نفسها، بينما دخل ترامب على خط النقاش بوسائل التواصل الاجتماعي، وقال “أنا أكره تايلور سويفت”.
من جانبها، أرفقت سويفت رابطا لموقع الحكومة الفدرالي الخاص بتسجيل الناخبين الجدد إلكترونيا على شبكة الإنترنت. وخلال أقل من 10 ساعات، سجل أكثر من 300 ألف ناخب أنفسهم في السجلات الانتخابية. وتقليديا، يتلقى الموقع نحو 40 ألف زيارة يوميا في المتوسط في الأشهر الأخيرة قبل الانتخابات.
وليس فقط حجم نجاح سويفت هو ما يجعل تأييدها بارزا هذه المرة، بل لهجتها، وطريقتها الجذابة لفئة سنية صغيرة لا تصوّت بنسب كبيرة كما أثبتت الانتخابات السابقة.
من هنا كان الفوز بتأييد سويفت هدفا معلنا لمساعدي الرئيس جو بايدن قبل انسحابه من السباق، وذلك في محاولة لاستغلال المؤثرين للوصول إلى مجموعات محددة من الناخبين.
وعلى الرغم من أن سويفت تحاول عدم إقحام السياسة في حياتها المهنية، فإن دعمها لهاريس كان على الأرجح أمرا لا مفر منه نظرا لتأييدها لبايدن في عام 2020.
الحياد ليس بديلا
ولمشاهير أميركا علاقة خاصة بالشأن السياسي. فعلى سبيل المثال، يرجع البعض الفضل للممثل جورج كلوني لكونه أول شخصية مشهورة كبيرة أعربت عن قلقها بشأن سن الرئيس بايدن، ويراه البعض العامل الأهم في دفع بايدن إلى التنحي عن السباق الانتخابي.
وعلى النقيض، سبق أن فشل دعم نجمة البوب بيونسيه، التي دعمت المرشح الديمقراطي بيتو أورورك في انتخابات 2018 لمجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، إلا أنه خسر أمام المرشح الجمهوري تيد كروز.
من ناحية أخرى، لا يُعد عدد الإعجابات مقياسا موثوقا به لقياس ما إذا كان بإمكان أحد المشاهير تغيير عقول الناخبين، فمعظم المعجبين بسويفت أو ماسك يشاركونهما وجهات نظرهما السياسية. ويتبع سويفت، في الغالب، شباب وإناث وديمقراطيون، في حين يتبع ماسك في الأغلب رجال بيض في منتصف العمر أغلبهم بين 35 و65 من العمر وطيف من جمهوريي الهوى.
وتمثل سويفت وماسك نوعا من المشاهير الطموحين الذين يمنحون عددا من الفوائد لا يتمتع بها السياسيون التقليديون. ويراهم الملايين أثرياء وناجحين ومؤثرين وممتعين، ونجاحهم في ساحة واحدة يمنحهم تأثيرا واسعا حيث يجعل الملايين يفترضون أن أراءهم مهمة وأنهم قد يصوتون مِثلهم.