أكدت عائشة صالح الشحي، خالة الطفلة «مريم» التي ساءت حالتها الصحية، إثر تعرضها لحادثة تنمر أثناء تصوير برنامج للأطفال (تابع لشركة ملابس معروفة)، تحسن حالة ابنة شقيقتها الصحية ومغادرتها المستشفى.
ونشرت الجهة المسؤولة عن نشر البرنامج اعتذاراً لمريم، والمجتمع الإماراتي، على مواقع التواصل، أكدت فيه دعمها لها، ورفضها كل أشكال التنمر. وكانت الشركة أعلنت عن برنامج مواهب، يستهدف «تحويل أحلام الصغيرات إلى حقيقة»، داعية الأسر إلى مشاركة مواهب بناتهن، لتجعلهن «نجماتها الصاعدات القادمات»، فضلاً عن فرصة الفوز ببطاقات هدايا، ولقب «الوجه الإعلامي» لترويج منتجاتها.
وعرض البرنامج على قناة الشركة عبر منصات التواصل الاجتماعي، أخيراً، حيث شاركت مجموعة من البنات الصغيرات، من بينهن «مريم»، التي قوبلت بالسخرية وتقليل الشأن من المحيطات بها أثناء التصوير، فيما رأى متابعون أنه تنمر، إذ تلقت عبارات وإساءات وجهت لها.
وذكرت خالة مريم، في تصريحات لـ«الإمارات اليوم»، أن مريم طالبة في الصف الرابع الابتدائي، وتبلغ (11 عاماً)، وهي تمتاز بشخصية مرحة واجتماعية، وتتمتع بطموح كبير، فقد شاركت في مسابقة «شاعر المليون للأطفال»، وتأهلت لقائمة الـ10 الأوائل، مضيفة أن ابنة أختها من الأطفال المبادرين الذين يشاركون بفاعلية في الأنشطة التطوعية والفعاليات الوطنية، رغم التحديات الصحية التي تواجهها، إذ تعاني مرض السكري من النوع الأول. وتدهورت حالتها الصحية بعد قص زميلات لها في المدرسة مقاطع تظهر فيها وهي تتعرض للإهانات، ما أدى إلى استمرار التنمر عليها في المدرسة، وتسبب في ارتفاع مستوى السكر في دمها لمعدلات خطرة، نتيجة الضغط النفسي الشديد الذي تعرضت له، وهو ما استدعى بقاءها في العناية المركزة أسبوعاً، حتى استقرت حالتها الصحية، وخرجت من المستشفى. وأصدر مجلس الإمارات للإعلام بياناً أكد فيه متابعة الحادثة التي تعرضت لها الطفلة أثناء تصوير البرنامج، مشيراً إلى أنه يُجري تحقيقاً مع الأطراف المعنية، للوقوف على الحيثيات، واتخاذ الإجراءات اللازمة. وقالت الشحي: إن المدرسة تواصلت مع والدة مريم، وكان الكادر الإداري والتعليمي متعاوناً، حيث تواصل للاستفسار عن احتياجاتها، وتقديم الدعم اللازم لها، مشيرة إلى أن المدرسة كانت داعمة لها بشكل كبير خلال وجودها في المستشفى، وحتى حين استقرار حالتها الصحية وخروجها من المستشفى.
واستغربت خالة مريم من تعرض ابنة شقيقتها لنعوت مهينة من الأطفال المشاركين دون أن يتدخل أحد من الموجودين لإيقافهم أو إيقاف التصوير، إذ استمر العرض، لتفاجأ الطفلة وأمها بما كان يدور أثناء التصوير في وقت عرض الحلقات فقط.
وأضافت الشحي أن صراخ إحدى المشاركات على مريم أثناء التصوير، صدم أمها بشدة، لأن مريم شعرت بالخوف والعجز، ولم يتدخل أحد في موقع التصوير لمنع ما كان يحدث. وأشارت إلى أن مشاركة مريم جاءت بعد تلقيها اتصالاً في أغسطس الماضي، من البرنامج، نظراً لمشاركتها سابقاً في مسابقات تنظم على المنصة نفسها. وذكرت أن تصوير البرنامج تم خلال عطلة الصيف إلا أن الحلقات عرضت على منصة الشركة قبل أسبوعين، وكانت الصدمة كبيرة على مريم ووالدتها، بسبب حجم التنمر والإساءات اللفظية التي تعرضت لها من المشاركات، مؤكدة أن مريم كانت في استوديو بمفردها، بينما تم تصوير باقي المشاركات في استوديو آخر، ما زاد شعورها بالعزلة والتمييز. وذكرت خالة الطفلة أن ذوي مريم باشروا باتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من تنمر أو أهان مريم وعائلتها، حيث تم تقديم الأدلة التي تثبت التجاوزات، مؤكدة أنهم يسعون إلى محاسبة كل من تورط في الإساءة، لضمان حقوق الطفلة، وحمايتها من أي أذى نفسي مستقبلاً.
من جهة أخرى، نشرت الجهة المسؤولة عن نقل البرنامج الذي شهد حادثة التنمر على الطفلة، بياناً توضيحياً على مواقع التواصل الاجتماعي، تعقيباً على الحادثة، قالت فيه: «إننا نود توضيح الآتي، أولاً: نعتذر لمجتمع دولة الإمارات عن المادة الإعلامية التي تم تداولها، وتضمنت عبارات غير لائقة بحق الثقافة والهوية الوطنية. ونؤكد أن مجموعة (أي تي بي) الإعلامية، جزء من النسيج المجتمعي لدولة الإمارات، واستمدت نجاحاتها على مدار السنوات الماضية من نجاح دولة الإمارات. ثانياً: تعتذر المجموعة للطفلة مريم وأسرتها، وتتمنى لها الشفاء العاجل. وننوه بأن السلامة النفسية لمشتركينا ستبقى أولوية. ونتابع حالتها الصحية عن كثب مع أسرتها». وأضافت: «نود أن نوضح أن التنمر بأي شكل من الأشكال غير مقبول تماماً من قبل فريقنا، وخارج عن ثقافتنا المؤسسية، ونسعى لخلق مساحة إيجابية، حيث يمكن للمواهب الشابة التعبير عن نفسها في أجواء يسودها اللطف والاحترام، ونأخذ هذه الحادثة على محمل الجد، ونقوم بمراجعة جميع جوانب محتوياتنا، لضمان توافقها مع معايير المحتوى الإعلامي والقوانين والتشريعات الناظمة لقطاع الإعلام في الدولة، ونعمل مع مجلس الإمارات للإعلام والسلطات المختصة في الدولة، ونقوم باتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل». وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية الطفل، المستشار فيصل محمد الشمري، أن الجمعية تتابع باهتمام واقعة التنمر التي تعرضت لها مريم.
واستنكر السماح بنشر برامج على مواقع التواصل الاجتماعي تروّج للتنمر وازدراء الآخرين وثقافتهم وعاداتهم، مثمناً جهود المجلس الوطني للإعلام في متابعة وفحص المحتوى المناسب للمجتمع، وجهوده لتطوير التصنيف العمري، ومراقبة الالتزام به. من جانبه، قال المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف: إنه «مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد التنمر ظاهرة مرتبطة بكبار السن فقط، بل تسلل إلى المجتمع الطلابي والأطفال».
ونص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقلّ عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها.
• المستشار فيصل الشمري: جمعية الإمارات لحماية الطفل تتابع واقعة التنمر التي تعرضت لها مريم خلال البرنامج.
• المستشار يوسف الشريف: التنمر لم يعد ظاهرة مرتبطة بكبار السن فقط، بل تسلل إلى المجتمع الطلابي والأطفال.
هنادي اليافعي: الإمارات ستظل الحاضنة والبيئة الصديقة للأطفال
هنادي اليافعي: مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، من أكثر المجتمعات حرصاً على الأطفال.
مينا غالي – الشارقة
أكدت مدير عام إدارة سلامة الطفل في الشارقة، هنادي اليافعي، أهمية حرص الأهالي على اختيار البرامج التي يظهر فيها أطفالهم، ومعرفة القيمة التي تضيفها لهم وللمجتمع، إلى جانب التأكد من أنها تتناسب مع الفئة العمرية للطفل.
وقالت: «ليس علينا أن نهمل مواهب الأطفال، بل يجب دعمها وتنميتها، ولكن في الاتجاه الصحيح. ومسؤولية أولياء الأمور هنا تتمثل في اكتشاف مواهب أطفالهم، وتوجيههم نحو البرامج التي تليق بالموهبة، وتنسجم مع القيمة الاجتماعية».
وأكدت أن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، من أكثر المجتمعات حرصاً على الأطفال وحماية لهم، وأن هناك توافقاً تاماً بين المستويين الاجتماعي والحكومي على المبادئ الأساسية لحماية الأطفال، مشيرة إلى أن دولة الإمارات ستظل الحاضنة والبيئة الصديقة لهم.