يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التمسك ببقاء الجيش الإسرائيلي في منطقة فيلادلفيا الحدودية بين قطاع غزة ومصر، مدعيا أن هذه المنطقة تشكل “أنبوب أكسجين” لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تستخدمه لتهريب الأسلحة.
وقد زاد من تشدده الأشهر الأخيرة، متحديا الولايات المتحدة ومصر، اللتين ترفضان وجود إسرائيل هناك. ويواجه نتنياهو معارضة داخلية ترى أن هذا التشبث يأتي على حساب حياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
ويعود تشبث نتنياهو بهذا المحور إلى قناعة قديمة لديه بأهمية هذه المنطقة الأمنية، إذ كان قد عارض عام 2005 خطة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، واعتبر أن خروجهم من محور فيلادلفيا في ذلك الوقت فتح الطريق لحركة حماس لتسليح نفسها.
ويعتبر هذا المحور حاليا إحدى النقاط الخلافية الأساسية في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، التي تجري بوساطة مصر وقطر وبدعم أميركي للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
البقاء في محور فيلادلفيا
وأشار نتنياهو مؤخرا إلى أن أهداف الحرب على غزة مرتبطة بالبقاء في محور فيلادلفيا، مؤكدا أن الجيش لن ينسحب منها أبدا. لكن هذا الموقف يتعرض لانتقادات حادة من قبل المعارضة ومسؤولين أمنيين، إذ يرون أن إصراره على البقاء في المحور يعرقل إبرام أي اتفاق لتبادل الأسرى، وذلك خوفا من انهيار ائتلافه الحاكم وفقدانه منصبه.
في الوقت نفسه، يهدد وزراء اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة إذا تم الاتفاق على أي تسوية تنهي الحرب، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي في إسرائيل.
ويوضح تحليل الخبراء السياسيين أن تشبث نتنياهو بمحور فيلادلفيا ينبع من دوافع سياسية وإستراتيجية. فمن الناحية السياسية، يسعى نتنياهو لاستثمار هذا المحور كعنصر غير قابل للتنازل في المفاوضات، إذ يعلم أن حماس والوسطاء لن يقبلوا بتقديم تنازلات كبيرة بشأنه، مما يعرقل التوصل إلى صفقة قد تهدد مستقبله السياسي.
أما من الناحية الإستراتيجية، فيرى نتنياهو أن البقاء في محور فيلادلفيا ضروري لمنع إمدادات الأسلحة لحماس، التي يُزعم أنها تتم عبر أنفاق تحت المحور.
بالإضافة إلى ذلك، يهدف رئيس الوزراء إلى السيطرة الكاملة على غزة من خلال إحكام قبضته على الضلع الرابع للقطاع، المتمثل في فيلادلفيا، بعدما أحكمت إسرائيل سيطرتها على الحدود الشمالية والشرقية والبحرية للقطاع.
ويعد معبر رفح، الذي يقع ضمن المحور، هدفا أساسيا أيضا لنتنياهو في مساعيه لتقويض حماس من خلال منعها من السيطرة على هذا المعبر الحيوي الذي يدر عليها إيرادات مالية.
وبالرغم من الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو، فإن فرص الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا تبدو ضئيلة في هذه المرحلة، التي يصر فيها نتنياهو على أن هذه القضية تشكل جزءا أساسيا من الأمن القومي الإسرائيلي ولا يمكن التنازل عنها.
ويُشار إلى أن هذه المواقف تأتي في سياق حرب إسرائيل المستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي أسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.