مراسلو الجزيرة نت
الخرطوم– تشهد نيويورك على هامش الأعمال الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة عدة أنشطة مرتبطة بالأزمة السودانية، تشمل مشاورات بين أطراف دولية وإقليمية، ولقاءات تجمع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع زعماء ومسؤولين غربيين وأفارقة وعرب، يتوقع منها أن تفتح نافذة أمل لوقف الحرب المستعرة منذ نحو 17 شهراً حسب مراقبين.
وتنظم الإدارة الأميركية اجتماعات يوم الثلاثاء بشأن السودان، تضم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظراءه من دول عربية وأفريقية وغربية، لبحث الأوضاع الإنسانية والدفع باتجاه إطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف السودانية.
كما ينتظر أن يجري بلينكن مشاورات مع البرهان، بعد فشل لقاء سوداني أميركي في جدة وتعثر لقاء مماثل بالقاهرة إثر رفض الحكومة السودانية المشاركة في مؤتمر بجبال الألب السويسرية، للمفاوضات بين طرفي الحرب واختتم في 24 أغسطس/آب الماضي بتفاهمات حول المساعدات الإنسانية.
وشكلت الأطراف الدولية والإقليمية مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان” ضمت كلاً من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وقال مسؤول بالخارجية السودانية للجزيرة نت إن البرهان سيخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس المقبل، وهي المرة الثانية التي توجه له الدعوة منذ اندلاع الحرب، كما تجري ترتيبات لعقد لقاءات تجمعه مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس جيبوتي إسماعيل جيلي، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ومسؤولين آخرين.
3 لقاءات أميركية
شارك وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض يوم الأحد في أعمال “قمة المستقبل” في نيويورك ممثلاً عن البرهان، كما أجرى مباحثات مع نظيريه المصري بدر عبد العاطي والجزائري أحمد عطاف، ركزت على تطورات الأزمة والجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين، وطالب المجتمع الدولي بإدانة جرائمها وتصنيفها “جماعة إرهابية” حسب المصادر ذاتها.
وتوقع وزير الخارجية حدوث اختراق كبير في جدار الأزمة على ضوء زيارة البرهان للولايات المتحدة، ولقاءاته على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة مع قوى دولية وإقليمية بشأن الأزمة في بلاده “وهو ما سيكشف حجم التآمر على البلاد ودور مليشيا الدعم السريع في تنفيذ المخطط الذي يستهدف أمن البلاد واستقرارها”.
وكشف عوض في حديث بثته منصات سودانية قريبة من الحكومة أن هناك اتجاها لعقد لقاءات للبرهان مع الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) وهيئة المعونة الأميركية، بحكم دورها الفاعل في صنع القرار تجاه السودان في مساقاته السياسية والأمنية والإنسانية.
وأفاد وزير الخارجية أن خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سيعكس موقف الشعب السوداني مما يجري، ويحدد مطلوباته من المنظمة الدولية والقوى الفاعلة، وسيحض على مساندة بلاده في وجه العدوان التي تنفذه قوات الدعم السريع والقوى التي تقف خلفها، وسيطالب بإنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار السودان.
تفاؤل حذر
من جانبه يرى الباحث السياسي فيصل عبد الكريم أنه ينبغي عدم الإفراط بالتفاؤل بشأن تسوية للأزمة السودانية إثر أنشطة ولقاءات تجري في نيويورك، نسبة لتعقيدات الحرب وتداعياتها وتباعد مواقف أطرافها، وتضارب مصالح القوى الخارجية المؤثرة والفاعلة في المشهد السوداني.
وحسب حديث الباحث نفسه للجزيرة نت فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فشلت في تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، بعد حرب غزة وتدحرج الأوضاع في لبنان إلى حرب مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله ومراوحة الحرب في أوكرانيا مكانها، حيث تسعى الإدارة الديمقراطية إلى إنهاء حرب السودان لتحقيق مكاسب داخلية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية.
ويقول الباحث إن البرهان حصل على أسلحة باتت تحقق له تقدماً، وصارت المبادرة في يد الجيش مع تراجع قوات الدعم السريع، فلذا ليس هناك ما يدفعه إلى تقديم تنازلات، وفي المقابل أخفقت الجهود لتسوية الخلافات بين قيادة الجيش وقوى إقليمية تدعم قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” مما يجعل وقف الحرب رهناً لمتغيرات سياسية وعسكرية تشكل تحولاً في المشهد.
غير أن المحلل السياسي والمتحدث باسم الخارجية السابق العبيد أحمد مروح يعتقد أن فرصة حدوث اختراق نحو حل الأزمة هذه المرة أكبر من أي وقت مضي، ويرى في حديثه للجزيرة نت أن المؤشرات تشي بأن الأطراف الخارجية المنخرطة في البحث عن حلول للأزمة السودانية ترتب لمقاربة جديدة بعد فشل المقاربات السابقة، مشيراً إلى الولايات المتحدة والسعودية ومصر.
كما يرى مروح أن فرص نجاح المساعي الخارجية ستتعزز بصمود مدينة الفاشر في وجه المحاولات المستميتة من قوات الدعم السريع لاحتلالها، كما يمكن أن يزيد من فرصها التراجع الميداني للدعم السريع في جبهات ولايتي الخرطوم والجزيرة، وهي أمور تشكل مجتمعة عامل ضغط على قيادة الدعم السريع، بأنه لم يعد بمقدورها تحقيق أجندتها السياسية عن طريق الحرب، مهما لقيت من دعم من أطراف إقليمية.