Login النشرة البريدية

بين تفاؤل وقلق من “استفراد الاحتلال” بهم، يتلقف سكان غزة خبر سريان وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الذي ينهي المواجهات العسكرية التي اندلعت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وربط الفلسطينيون آراءهم وتفاعلاتهم حول وقف إطلاق النار في لبنان بمصير قطاع غزة، لا سيما أن حزب الله اللبناني دخل الحرب ليكون جبهة إسناد لغزة على مدى أكثر من عام في وجه آلة القتل والتدمير والتهجير والإبادة الجماعية.

واختلطت مشاعر الحزن والفرح عند الفلسطينيين، بين من يرى أن الاتفاق قد يمهد لآخر في غزة، ومن يجده يعبّد الطريق لتكثيف الاحتلال عملياته العسكرية على القطاع المحاصر والاستفراد بمصير أكثر من مليوني فلسطيني، أصبح أكثر من نصفهم في عداد النازحين.

بشرى خير لغزة

الناشطة سمر أبو العوف صرحت بأن الاتفاق في لبنان جعل قلبها يختلط بمشاعر الحزن والفرح، مع دعوة صافية باتفاق مماثل في غزة، ينهي أكبر مأساة إنسانية في القرن الـ21.

ومن الأمثال الفلسطينية التي استعان بها طارق عبد النبي للتعبير عن تفاؤله باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان أنه “إذا أمطرت في بلاد.. فبشّر بلاد”، وهو ما قصد به أن غزة قد تقترب من اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووافق حسن القطراوي الرأي نفسه، معتبرًا أن “اتفاق لبنان بشرى خير لغزة، ولا يمكن أن يكون بهذا السوء”، معللا أن دخول حزب الله اللبناني على خط النار أرجع الاهتمام الدولي بغزة ليحلّ لبنان مكانها.

وأضاف أن “التركيز العالمي يعود اليوم لغزة، ويشتد التأثير لمحاولة فرض اتفاق مشابه بلبنان، خاصة أن الرئيس الأميركي جو بايدن ذكر تركيا كوسيط قادم بشأن غزة، ما يعطي جدية أكبر” لحل الملف.

غزة اليتيمة

في المقابل، تشاءم أحمد المغاري من مشهد غزة القادم، معتبرا أن الاتفاق في لبنان يعيد إسرائيل لترتيب نفسها عسكريا، ولتحشد قواتها من جديد لتنفيذ مخططاتها في غزة، وصولا لإخلاء مناطق جديدة وواسعة وتكثيف عمليات القصف والتدمير في المناطق الوسطى من القطاع.

ورأى ناشطون أن الاتفاق في لبنان يُبقي غزة وحدها في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، حتى إن “نتنياهو لم يكن يتوقع في أحلامه أن يصل لهذا الاتفاق” وينجح بفصل الجبهتين، كما قال عثمان مطر.

ورأى الصحفي أسامة العشي أن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل يُوجب “البكاء على غزة” التي أصبحت “وحيدة تحت أقدام العالم الشديد” كما وصف المشهد.

وقالت مريم حماد، حسب وصفها، إن “محور (المقاومة) ذهب وبقي محورا نتساريم وفيلادلفيا” اللذان يفرض الاحتلال من خلالهما سيطرته على غزة، من وسط القطاع وجنوبه.

موقف مشرّف

وبالنسبة لآخرين، فلا يمكن تصوير الاتفاق على أن “لبنان انسحب من كونه جبهة إسناد لغزة”، أو إلقاء اللوم عليه بتوقيع اتفاق لم يعد يربطه بمصير أكثر من مليوني فلسطيني محاصر تحت آلة الحرب الإسرائيلية.

وقال معاذ حسن، في تغريدة له، إن “جبهة لبنان بذلت قصارى جهدها للذود عن أهل غزة، كما اليمن والعراق، وجادوا بالدماء والأشلاء وقدموا قادتهم وجندهم، في حين أن بقية العرب والمسلمين صمتوا تماما، فلم ينصروا غزة ولا حتى أغاثوها بشربة ماء، وحتى إن بعضهم تآمر مع الصهاينة للقضاء على حماس والمقاومة”.

 

وذكر الصحفي حسام شبات أن “العالم سيشهد أن من وقف معنا ونصر غزة كان لبنان وأهله. ففي أحلك الظروف كانت مواقفهم مشرفة وداعمة تجسد معنى الأخوة الحقيقية والتضامن”.

جبهة إنقاذ وطنية

ومن زاوية ثالثة للمشهد، لم يغب عن ناشطين الثناء على ما أسموه “الإرادة السياسية ودور الحكومة اللبنانية” في إنجاز اتفاق يقدّم “مصلحة الشعب” على أي ثمن آخر.

ورغم إعلان أطراف الوساطة في أكثر من مرة عرقلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، فإن هؤلاء وجهوا دعوة ضمنية للفصائل الفلسطينية بالعمل على إنجاز اتفاق يُنهي مأساة سكان القطاع.

ووسط هذا، “لا تريد غزة وحدة ساحات أو محاور”، على حد وصف الصحفي تامر عليان، مشيرا إلى أن “المطلوب جبهة إنقاذ وطنية شعبية لإعادة بناء المجتمع والأخلاق أولا، ثم البنية التحتية والبيوت”، معتبرا أن “غزة خسرت في هذه الحرب خسائر أكبر من البشر والشجر والحجر”.

يذكر أن حركة حماس رحبت بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان، معربة عن التزامها بالتعاون مع أي جهود لوقف الحرب في غزة، ومؤكدة أن محددات وقف العدوان على غزة، التي جرى التوافق عليها وطنيا، هي: وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإنجاز صفقة تبادل للأسرى حقيقة وكاملة.

وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت نحو 149 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

شاركها.
Exit mobile version