أربيل- شهد إقليم كردستان العراق العديد من التحديات والأحداث في مراحل مختلفة، كانت سببا في تقارب وتباعد القوى الأساسية فيه، وأثرت بشكل مباشر على علاقة الإقليم ببغداد، وتسببت بأزمات اقتصادية وبعضها أمنية.
وللاطلاع على رؤية أحد أقطاب القرار في الإقليم بشأن تلك القضايا، التقت الجزيرة نت بمحمود خوشناو أحد أبرز قيادات “الاتحاد الوطني الكردستاني” الذي أسسه الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني، للاستيضاح منه بشأن أهم المواقف والملفات التي تخص إقليم كردستان ورؤية الحزب للمعالجات المطروحة.
وفيما يلي نص الحوار:
-
ما ردكم على التهم الموجهة لكم بخصوص التنصل من الاتفاقات السابقة لتشكيل حكومة كركوك، وما رؤيتكم لإدارة المدينة مستقبلا؟
إن “الاتحاد الوطني” فتح أبوابه لجميع القوى السياسية داخل وخارج الإقليم فيما يتعلق بتشكيل حكومة كركوك المحلية، وفقا لما أفرزته نتائج الانتخابات والأسس التي يتبناها الاتحاد في شكل الحكومة، وكانت الحوارات مع جميع القوى الفائزة بالانتخابات، ومع أن الوقت لم يسعف الاتحاد للحوار بعد عقد الجلسة الأولى، فإننا نجحنا في تحقيق التمثيل لجميع المكونات.
ونود الإشارة هنا إلى أن غياب “الأكبر سنا” عن الجلسة لا يمنع انعقادها، على اعتبار إمكانية عقدها مع العضو الأكبر سنا من بعده، لأن هذا المسمى لا يعتبر شرطا أساسيا في عقد الجلسات، بالتالي فإن جلسة تشكيل الحكومة كانت قانونية ولا غبار عليها طالما كان نصابها مكتملا بحضور نصف الأعضاء زائد واحد.
أما بالنسبة لعقد جلسة حسم الحكومة المحلية في بغداد، فلا يعتبر خطأ قانونيا أو معيبا، لأن بغداد هي عاصمة العراق، ولا علاقة بالوضع الأمني بهذه الخطوة، بل هي رسالة للجميع بأن الاتحاد لا يحمل فكرة اختطاف كركوك من العراق.
إن مصير كركوك والمناطق المتنازع عليها مرتبط بتنفيذ المادة ١٤٠ من الدستور والذي يتضمن ثلاث مراحل هي (التطبيع الإحصاء الاستفتاء)، حيث أننا ما زلنا بالوقت الحالي في طور تنفيذ المرحلة الأولى “التطبيع”، وفي حال استكمالها فإن أبناء كركوك لهم الخيار في تحديد مصير محافظتهم بين الإقليم أو السلطة الاتحادية، مع ملاحظة أن كلا الخيارين يبقى في إطار الدولة العراقية، وبالتالي، فهي لا تعتبر محل قلق.
-
يعد ملف تصدير النفط من الإقليم مهما وحساسا، فكيف سيتم حسمه بعد أن كسب العراق دعوى التحكيم في آذار/مارس 2023، التي رفعها ضد أنقرة بشأن تصدير نفط كردستان الخام عبر ميناء جيهان التركي دون الرجوع لشركة تسويق النفط العراقية “سومو”؟
المادتان الدستوريتان 111 و112 تشيران بكل وضوح إلى أن النفط والغاز والثروات الطبيعية ملك للشعب العراقي، ويجب أن تنظم بقانون، بالتالي فإن الحلقة المفقودة هو غياب قانون النفط والغاز الاتحادي.
كما أن هناك عدة مسودات للقانون، لكنها جميعا لم تشرع داخل البرلمان، ونحن لا نريد خلط الأوراق، بل هو موضوع قانوني دستوري يجب أن يأخذ مسارا بعيدا عن الجانب السياسي.
كما أن الإقليم التزم بالقرار وأوقف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، وهناك مباحثات مستمرة بين وزارة النفط الاتحادية والشركات النفطية العاملة بالإقليم لحسم الملفات المتعلقة بكلف الإنتاج والنقل، حيث يوجد اختلاف بين صيغة عقود تلك الشركات مع الإقليم وبين ما تم تحديده من كلف النقل والإنتاج ضمن الموازنة، ونسعى للخروج بتسوية عن طريق تعديل قانون الموازنة، يسبقه اتفاق بين حكومة بغداد وتلك الشركات.
-
من المسؤول عن المشاكل التي تواجه القوى الكردستانية كل عام في قضية حصة الإقليم بالموازنة؟ وهل تحملون بغداد أم أطرافا أخرى المسؤولية؟
الخلافات على المال والطاقة بين بغداد والإقليم فيها تفاصيل عديدة، بدأت حين شرع الإقليم بتصدير النفط بمعزل عن المركز بعد عام 2014، مما تسبب بإيقاف بغداد حصة الإقليم من الموازنة، وخلق أزمات عديدة للإقليم ضاعفتها قضية داعش وانخفاض أسعار النفط عالميا.
حل الأزمة لن يتحقق إلا من خلال الخروج باتفاق ينسجم مع قرار هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية في باريس، ويقر بأحقية تسويق النفط من قِبل الحكومة الاتحادية، وتحديدا عبر شركة “سومو”.
-
تعرضت قضية تصدير نفط الإقليم لانتكاسات كبيرة، فهل أنتم داعمون لتسليم هذا الملف إلى بغداد أم تذهبون إلى خيار الإدارة المشتركة للثروات النفطية؟
ذهابنا إلى بغداد لا يعني أننا ذهبنا إلى دولة إقليمية تريد خطف بلادنا، فنحن وبغداد جزء من عراق واحد، ونحن لم نسرق نفط شعبنا، بل ذهبنا لمعالجة قضية رواتب موظفي ومتقاعدي الإقليم وأزمة الوقود المنزلي “، فبغداد هي العمق الإستراتيجي ومكان حل المشاكل ونتمسك بهذا الموقف، وليس كما يفعل الآخرون بذهابهم إلى عواصم دول أخرى.
-
كيف تنظرون إلى العمليات التركية والإيرانية المستمرة في مناطق داخل الإقليم؟ وكيف تنظرون لقرار حظر حزب العمال الكردستاني داخل العراق؟
إن أزمة الحدود في العراق ليست جديدة، فهي موجودة مع الجانب الإيراني منذ عقود، أما الجانب التركي فالمشكلة معه منذ ثمانينيات القرن الماضي، كما أن الحكومات العراقية سابقا وحاضرا لم تصل معه إلى نقطة صفرية.
كما نعتقد أن تركيا غير جادة في حل الموضوع مع العراق أو مع حزب العمال الكردستاني مثلما فعلت مع إيران، حيث بنت جدارا عازلا ووضعت كاميرات حرارية وأبراج مراقبة منعت تسلل أي شخص.
كما أن تركيا نجحت بإدخال العراق بالفقر المائي، واستخدمت هذه الورقة إضافة إلى ورقة حزب العمال، مستغلة ضعف الحكومات الموجودة، مع وجود أطراف داخلية عراقية تتناغم مع الأجندة التركية، مما أضعف القرار العراقي، مع ملاحظة أن المادتين السابعة والثامنة من الدستور العراقي منعت استخدام الأراضي العراقية للعدوان على دول الجوار.
إن موقفنا هو رفض أي عدوان أو تدخل بالشأن العراقي، سواء كان من إيران أو تركيا أو أميركا أو غيرها، وفي حال وجود أي جماعات معادية لإيران أو غيرها من الدول، فهي مطالبة بمخاطبة الحكومة العراقية، وأن تكون هناك علاقات أوسع وخيارات أفضل بعيدة عن الخيار العسكري.
أما قضية حزب العمال الكردستاني، فمعالجتها لا تكون من خلال الحظر، لأنه لن يؤدي إلى حل للمشكلة، على اعتبار أن المشكلة التركية تم ترحيلها إلى أراضي العراق، وتم استغلالها لتنفيذ أجندة توسعية، فحل الأزمة يتحقق بالحوار السلمي بوساطة عراقية، أما باقي الحلول، فلن تكون مجدية.
-
طرحت في فترات سابقة فكرة انفصال السليمانية كإقليم أو إدارة ذاتية، فهل هذه الخطوة ضمن رؤيتكم المستقبلية؟
خيار الانفصال لم يكن من الاتحاد الوطني، بل كان هناك جمع توقيعات من المواطنين في السليمانية من قبل نشطاء سلميين، وهو خيار ديمقراطي وجزء من السماح الدستوري، لكننا لسنا مع التجزئة، بل مع كردستان موحد وقوي.
إننا نحن من عمل على تثبيت قواعد العملية السياسية بالإقليم، وقدنا الثورة والنضال طيلة العقود الماضية من أجل تحقيق هدف إقليم كردستان الموحد، وأن نكون جزءا من حكومة قوية في كردستان.
-
الصراع الكردي- الكردي خصوصا مع الديمقراطي الكردستاني ربما أضعف موقف الإقليم بمناسبات عديدة، فمن المستفيد من ذلك؟ ومتى تصبح هذه الصراعات من الماضي؟
الخلاف الكردي-الكردي أضعف الموقف تجاه قضايا الإقليم بشكل واضح، ونعتقد أن معالجته من خلال إيجاد أفراد أقوياء بإدارة الحكومة، الإدارة السابقة لم تكن موفقة في الإقليم، حيث جذرت الانقسام الكردي، فالخلافات لن تذهب أو تذوب بوجود هذه العقلية في إدارة الحكم، وهناك عدة أحزاب كردية انسحبت من الحكومة الحالية ولم ترغب في المشاركة بها.
لكن الاتحاد لم ينسحب من الحكومة، لأننا نؤمن أننا أصحاب الإقليم وشركاء في بنائه، وموجودون في السلطة وليس في الحكومة فقط، وما نريده هو وجود شراكة وليس فقط مشاركة بالحكومة، ونرى أن تغيير المزاجية السياسية في الحكومة وفي الديمقراطي الكردستاني ينهي الخلافات.