خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمة ربما تكون الأطول منذ بدء الحرب قبل نحو 11 شهرا، ليحمل الجميع -داخل إسرائيل وخارجها- مسؤولية كل شيء، ويضع الأسرى الأحياء المتبقين في قطاع غزة على حافة الموت في محاولة للخروج من وضعه المتأزم، كما يقول خبراء.
فقد أكد نتنياهو صراحة أنه لن يبدي أية مرونة فيما سماها “الأمور الحساسة” وقال إنه لن يقبل بالانسحاب من محور فيلادلفيا (الذي جعله حجر العثرة أمام أي صفقة)، وعندما سئل عن موعد انتهاء الحرب أجاب: “عندما تنتهي سلطة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع”، وهو ما يعني أنها لن تتوقف برأي الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين.
وبعد الكلمة مباشرة، حمّل أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحماس- حكومة الاحتلال مسؤولية مقتل أسراهم. وقال إن تعليمات بشأن التعامل مع هؤلاء الأسرى صدرت بعد حادثة مخيم النصيرات التي أدت لاستعادة 4 أسرى.
تعليمات جديدة لحراسة الأسرى
كما نشرت القسام صورة تعبيرية بعد كلمة نتنياهو تشير إلى أن عدم التوصل لصفقة يعني مقتل الأسرى المتبقين. وأظهرت الصورة ما يبدو أنه أسير إسرائيلي يجلس محني الرأس وخلفه أحد مقاتلي القسام يمسك مسدسه.
وأعلى الصورة كان مكتوبا “ضغط عسكري يساوي موت وفشل. صفقة تبادل تساوي حرية وحياة”. فيما كان مقبض المسدس الظاهر في الصورة يحمل صورة مقاتل ملثم.
وقال المحلل السياسي سعيد زياد إن تحميل المقاومة، نتنياهو المسؤولية عن حياة الأسرى المتبقين في القطاع “يعني أن تل أبيب ستخسر مزيدا من أسراها في حال لم تقبل بوقف إطلاق النار”.
وأكد زياد أن استمرار العملية العسكرية يعني تضاؤل احتمالات عودة الأسرى أحياء وبالتالي فإن موقف عائلات الأسرى من هذا الوضع هو ما سيحدد مصيرهم.
وأضاف أن عملية النصيرات كانت أول وآخر عملية ناجحة لاستعادة الأسرى أحياء لأن المقاومة ستكون أكثر حرصا وصرامة في تأمين الأسرى وبالتالي ستزيد احتمالية تصفية أي أسير تحاول إسرائيل استعادته بالقوة.
ولفت إلى أن تل أبيب لم تتمكن إلا من استعادة 4 أسرى فقط بالقوة خلال هذه الحرب وهو ما يعني أنها لن تتمكن من استعادة البقية إلا عبر صفقة. وقال إن هذه المعضلة التي تزداد تعقيدا كل يوم تثقل كاهل نتنياهو وتجعله يتحرك دون خطة فعلية لتحقيق هذه الصفقة التي يقول إنه أكثر المعنيين بها.
واعتبر زياد أن حديث نتنياهو -عن أن قواته كانت على وشك الوصول للأسرى الستة الذين انتشلت جثثهم مؤخرا قبل مقتلهم- دليل على قوة المقاومة التي تقول إسرائيل إنها فككتها في مدينة رفح.
بدوره، قال جبارين إن الوضع المتأزم الذي يعيشه نتنياهو هو الذي دفعه للخروج في هذا الحديث المطول الأول من نوعه منذ 8 أشهر.
وأضاف “نتنياهو اعترف صراحة بأنه لن يوقف الحرب ما لم تنته حماس مما يعني أن الحرب مستمرة طالما أنه رئيس للحكومة”.
كلمة مليئة بالأكاذيب
كما لفت جبارين إلى أن كلمة نتنياهو “كانت مليئة بالأكاذيب وخصوصا فيما يتعلق بالوثيقة التي تحدث عنها”، وقال إنه “ألقى باللوم والتخوين الضمني على الجميع في حين لم يتحمل هو أي مسؤولية، وإنما حاول تشويه الحقائق وقلبها وتجاهل ما يجري في الميدان”.
وقال إن التظاهرات الحاشدة التي شهدتها إسرائيل خلال الساعات الـ24 الأخيرة هي التي دفعت نتنياهو للخروج في هذه الكلمة، مضيفا “هو لم يخرج لكي يقول لهؤلاء المتظاهرين: فهمتكم، وإنما قال لهم: من أنتم؟”.
وختم جبارين بقوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “حمّل الرئيس الأميركي جو بايدن بعض المسؤولية بينما لم يتحمل هو أي شيء”، مضيفا “مع ذلك، نتنياهو حاول إظهار نفسه في موقف الرجل الذي يحاول احتواء إسرائيل”.