اهتمت مواقع فرنسية بملف تصدير الأسلحة الفرنسية إلى إسرائيل، منطلقة من قرار الحكومة البريطانية تعليق جزء من رخص تصدير أسلحتها إلى تل أبيب.
وأشارت الصحف إلى “خطر” استخدام تلك الأسلحة في انتهاك القانون الدولي في غزة، وذلك في أعقاب مراجعة تفصيلية أجرتها للتراخيص الممنوحة من قبل السلطة التنفيذية المحافظة السابقة.
وقال موقع “ميديا بارت” إن تقريرا حكوميا ينشره حصريا، يكشف أن فرنسا سلمت أسلحة بقيمة 30 مليون يورو لإسرائيل في عام 2023، ولكنها ترفض القول هل تمت عمليات تسليم أخرى بعد بدء الحرب في غزة، ربما تكون استخدمت لاستهداف المدنيين.
واتفق الموقع مع صحيفة لاكروا في أن فرنسا قد وقّعت مثل المملكة المتحدة، على العديد من النصوص، بما فيها معاهدة تجارة الأسلحة التي تحظر عليها تسليم الأسلحة إذا كان هناك خطر في استخدامها لارتكاب جرائم حرب أو هجمات موجهة ضد المدنيين.
فرنسا ملزمة باحترام التزاماتها
ويجب على الحكومة الفرنسية -حسب لاكروا- احترام التزاماتها الدولية وتطبيق معاهدة تجارة الأسلحة، خاصة أن المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز قالت في تقريرها عن الحرب في غزة، إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل وصلت بالفعل للحد الذي جعل محكمة العدل الدولية تميل إلى وجود خطر معقول بوقوع إبادة جماعية.
وأوضح ميديا بارت -في تقرير بقلم جوستين برابان- أن فرنسا لم تتوصل فيما يبدو إلى نفس الاستنتاجات التي توصلت إليها الحكومة البريطانية، وأنها لم تعلن قط حظرا كليا ولا جزئيا على شحنات الأسلحة إلى إسرائيل رغم الأدلة المتراكمة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة منذ خريف 2023.
وتؤكد الحكومة الفرنسية أنها تسلم الأسلحة لإسرائيل لأغراض دفاعية فقط، لكنها لا توفر وسيلة للتحقق من ذلك، رغم الطلبات المتكررة من وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، ولا تزال القائمة الدقيقة للأسلحة التي باعتها أو سلمتها فرنسا إلى إسرائيل غير معروفة.
ومع أن الحكومة لم تنشر بعد تقرير عام 2024 ولم تعرضه على البرلمان رغم تأخر ذلك، فإن ميديا بارت الذي تمكن من الحصول عليه، يقوم اليوم بنشره، وهو يتضمن -كما يقول- الأرقام المضخمة عن عمد للمساعدات العسكرية الفرنسية لأوكرانيا.
ولاحظ الموقع عدة غرائب في هذا التقرير، مثل ترخيص “التدريب العملياتي” الممنوح لرواندا رغم أن جيشها يقاتل من خلال حركة التمرد إم23، ويرتكب جرائم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما تم ترخيص آخر للتكنولوجيا العسكرية الممنوحة لإثيوبيا التي لا يزال جيشها متواطئا في التطهير العرقي في غرب تيغراي.
75 رخصة
وقد أعطت السلطة التنفيذية الفرنسية الضوء الأخضر في عام 2023 لبيع معدات عسكرية مختلفة للمجر بقيادة فيكتور أوربان، على الرغم من إدانات باريس الرسمية لهذا النظام غير الليبرالي، حسب الموقع.
غير أن الوثيقة ترفع جزءا من الحجاب عن السياسة الفرنسية المتمثلة في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، إذ تعلن أن فرنسا سلمت عام 2023، معدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو، وبما أن الأشهر غير محددة، فمن المستحيل معرفة ما إذا كانت هذه الشحنات قد استمرت بعد شن الأعمال الانتقامية الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة.
كما صدّقت فرنسا حتى عام 2023، على طلبات إسرائيلية بقيمة 20 مليون يورو من المصنعين الفرنسيين، ومنحت 75 ترخيص تصدير لإسرائيل، بقيمة 176 مليون يورو، تتعلق بأسلحة من عيار يساوي أو يزيد عن 20 ملم ومكوناتها، و”قنابل وطوربيدات وصواريخ وقذائف وأجهزة أخرى”، وغيرها.
وكذلك زادت -حسب الموقع- التراخيص التي تسمح بتصدير البضائع ذات الاستخدام المزدوج إلى إسرائيل بشكل كبير في عام 2023، فهي تمثل ما مجموعه 192.2 مليون يورو، مقارنة مع 34 مليون يورو لعام 2022، وتتعلق هذه التراخيص بالإلكترونيات والاتصالات السلكية واللاسلكية، ولكن أيضا “بأجهزة الاستشعار والليزر والملاحة وإلكترونيات الطيران”.
وتساءل الموقع هل صدرت هذه التراخيص قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول أم بعده؟ وما أنواع أجهزة الاستشعار ومن هو المتلقي النهائي؟ مشيرًا إلى أنه لا توجد معلومات حول هذا في الوثائق الرسمية، ويقول توني فورتين مدير الدراسة في مرصد التسلح، إنه “يجب، نظرا لحساسية الموضوع، أن يكون هناك تفسير للنص، وقبل كل شيء يجب أن نتوقف عن إصدار تراخيص لإسرائيل في ضوء ما يحدث حاليا في غزة”.
تجارة بمنطق التصدير
ومن ناحيتها، نسبت لاكروا -في تقرير لأنييس روتيفيل وكيليان بيغون- إلى بينوا موراتشيولي رئيس جمعية “آسير” التي تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان في مجال السلام والأمن، قوله إن الحكومة الفرنسية ملزمة بوقف أي نقل للأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية التي ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، باعتراف الأمم المتحدة، وأثيرت حولها مسألة الإبادة الجماعية.
ومثل بريطانيا، قامت دول أخرى بينها إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا بتجميد مبيعات الأسلحة بالفعل، كما أمرت المحكمة الهولندية بوقف تسليم قطع الغيار لمقاتلات “إف-35” لإسرائيل، أما فرنسا فكشفت مجلة ديسكلوز أنها تزود تل أبيب بوصلات “إم 27” التي تدخل في تركيب بنادق آلية من نوع “إم 249”.
ورغم ذلك، أكد وزير القوات المسلحة سيباستيان ليكورنو، أن باريس ليس لديها اتفاق دفاعي مع إسرائيل، بل مجرد ترتيب إطاري يعود تاريخه إلى عام 2016، وتعتبر باريس أن تجارتها مع إسرائيل تتم بمنطق إعادة التصدير إلى دول ثالثة، أي أن الأجزاء المبيعة مخصصة لصناعة التصدير الإسرائيلية، وهي حجة تعتبرها أحزاب المعارضة، وخاصة حزب فرنسا الأبية “منحازة”.